Friday, 22 August 2025

جاري التحميل...

جاري التحميل...

عاجل
عودة: ننجو من الغرق إذا سَـلَّـمْـنا أمْـرَنا لدولتنا

عودة: ننجو من الغرق إذا سَـلَّـمْـنا أمْـرَنا لدولتنا

August 10, 2025

المصدر:

وكالة الأنباء المركزية

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
 وبعد الانجيل المقدس، ألقى عودة عظة قال فيها: "في المَـقْـطَعِ الإِنْجِيـلِيِّ الَّذي سَمِعْــناهُ الـيَـوْم، نَـقِـفُ أَمامَ مَـشْهَـدٍ عَـجِـيـبٍ تَـظْـهَـرُ فيهِ قُـوَّةُ المَسيحِ الإِلَهِـيَّةُ، كَما نَـنْظُـرُ عُـمْـقَ خِـبْـرَةِ الإِيمانِ، حَيْثُ يُمْـتَحَنُ قَـلْبُ الإِنْسانِ أَمامَ العاصِفَةِ، ويُـكْـشَفُ لَهُ وَجْهُ المُخَـلِّصِ في لَحْـظَـةِ الخَـوْفِ والإضْطِراب".
أضاف: "وُضِعَ التَّلاميذُ أَمامَ الطَّاعَةِ عِـنْدَما ألْـزَمَهُـم الرَّبُّ «أَنْ يَـدْخُـلُوا السَّفِـينَةَ وَيَسْـبِـقُـوهُ إِلَى العَــبْـرِ». هُوَ يَعْــرِفُ كُـلَّ شَيْءٍ ويَعْـلَمُ أَنَّ العاصِفَةَ آتِـيَةٌ، لَكِـنَّهُ أَمَـرَهُـمْ أَنْ يَـرْكَـبُوا السَّفِـينَةَ، لأَنَّ في العاصِفَةِ دَرْبًا إلى المَعْـرِفَةِ، وفي المَخاطِـرِ الَّتي تَـبْـدُو كَأَنَّها نِهايَةٌ تُعْـلَـنُ بِدايَةٌ جَدِيدَةٌ. تَـرَكَهُـمْ المَسيحُ وصَعِـدَ وَحْدَهُ إلى الجَـبَـلِ لِـيُـصَلّي، في حِـوارٍ خَـفِـيٍّ مَعَ الآب. الصُّورَةُ هُـنا مَلِـيـئَةٌ بِالدَّلالات: فَكَما أَنَّ الـتَّـلامِيذَ في السَّفِـينَةِ وَسَطَ البَحْرِ، والمَـوْجَ يَعْـصِفُ بِهِـم، والمَسيحَ يَـبْـدُو غائِبًا عَـنْهُـم، كَذَلِكَ تَـكُونُ خِـبْـرَةُ الكَنِيسَةِ أَحْيانًا، وحَياةُ كُـلِّ نَـفْسٍ مُؤْمِنَةٍ. نُصارِعُ في بَحْـرِ الحَياةِ ظانِّـينَ أَنَّ الرَّبَّ بَعـيدٌ، لَكِـنَّهُ في الحَقـيقَـةِ على الجَـبَـلِ يُصَلّي ويَـنْظُــرُ إِلَـيْـنا وعَـيْـنُهُ لا تَغـيبُ عَــنَّا. يَقـولُ القِـدِّيسُ يُوحَنَّا الذَّهَـبِيُّ الفَم: «إِنَّهُ يُصَلِّي مِنْ أَجْـلِـنا لَيْسَ لأَنَّهُ يَحْـتاجُ إلى الصَّلاةِ بَلْ لِـيُعَــلِّـمَـنا أَنْ نَـلْجَأَ إِلى اللهِ في الصَّلاةِ عِـنْـدَما نُجَـرَّبُ".
وتابع: "كانَ الـتَّلاميذُ مُعَــذَّبـيـنَ في الـبَحْـرِ وكانَتِ الرِّيحُ مُضَادَّةً. إنَّـها صُورَةٌ الكَـنِـيسَةِ في العـالَمِ، تَعْـبُـرُ بَحْـرَ الـزَّمَنِ، وتُـواجِهُ رِياحَ الإضْطِهاداتِ وأمـواجَ الشُّـكوكِ وغُـمُـوضَ المَصِير. المَسِيحُ لا يَـتْـرُكُها وَحْـدَها، بَلْ يَأتِـيها ماشِـيًا على المِياهِ في الهَـجْعَـةِ الـرَّابِعَـةِ، أَيْ في ساعَـةٍ مُـتَـأَخِّـرَةٍ مِنَ الـلَّـيْـلِ. تَـأَخُّـرُ الـرَّبِّ لا يَعْـنِي غِـيابَهُ، لأَنَّهُ يَعْـرِفُ الوَقْـتَ الأَنْـسَـبَ لِخَلاصِنا. قَـد نَـظُـنُّ أحْـيـانـاً أَنَّ الـرَّبَّ يُـبْـطِئُ في الـقُـدُومِ، لَكِنَّ القِـدِّيسَ إيريناوس يَـقـول: «اللهُ لا يَـتَـأَخَّـرُ، بَلْ يُهَـيِّـئُ الإِنْسانَ لِـيَـسْـتَـقْـبِـلَ نِعْـمَـتَهُ في الـوَقْـتِ المُـناسِب». المُهِمّ أنْ نَـثِـقَ بِالرَبِّ يسوع الذي قالَ لِـتَلاميذِهِ «ثِـقـوا، أنا هُـوَ، لا تخافوا».
دُهِـشَ الـتَّلاميذُ لِـرُؤْيَـتِهِـم يَسوعَ ماشِيًا عَـلى المِـياه، ووَقَـفـوا أَمامَ إِعْـلانِ سُـلْـطـانِـهِ الإِلَهِـيّ. الـبَحْـرُ في الـفِـكْـرِ العِــبْـرِيِّ رَمْـزٌ لِـلـفَـوْضَى والـشَّـرِّ والـقِـوَى الغامِـضَةِ المُعـادِيَـةِ لِلإِنْسان، والمَسِيحُ يَـمْـشِي عَـلَـيْـهِ كَما يَـسِيـرُ الإِنْسانُ على الأَرْض، مُعْــلِـنًـا أَنَّهُ رَبُّ الخَـلِـيقَـةِ، والسَّـيِّـدُ على جَـميعِ القِـوَى، حتّى غَـيْـرِ المَـنْـظُـورَة، وهُـوَ يَسودُ على كُـلِّ ما يُخـيـفُ الإِنسان، كما يَـقُـولُ القِـدِّيسُ كِيرلُّسُ الإِسْكَـنْـدَرِيُّ: «هُـوَ يَـمْـشِي على الـبَحْـرِ لأَنَّهُ خَـلَـقَـهُ، ولأَنَّ ما يُخِيـفُـنا هُـوَ تَحْـتَ سُـلْـطـانِ مَحَـبَّـتِـهِ».
خافَ التَّلاميذُ وظَـنُّوهُ خَيالًا. حينَ نَجْهَـلُ رَبَّـنا، ويَـتَـكَـلَّـمُ مَعَـنا في العـاصِفَـةِ، نَحْسَـبُ صَوْتَـهُ غَــرِيبًا، ونَـظُـنُّ حُـضُورَهُ وَهْـمًا. لا يَعْــرِفُ الإِنْسانُ المَسِيحَ حَـقًّـا إِلَّا إِذا عَــبَـرَ الـظُّــلْـمَـةَ وَاخْـتَـبَـرَ الخَـوْفَ وصَـرَخَ مِنَ الأَعْـماق. بُطْـرُسُ المَعْــرُوفُ بِانْـدِفاعِـهِ قالَ لِـلرَبّ: «إنْ كُـنْـتَ هُـوَ فَـمُـرْني أنْ آتي إليكَ على المِـياه». إِنَّهُ طَــلَـبُ إِيمانٍ وشَجاعَـةٍ، لـكِـنَّهُ أَيْضًا طَـلَـبٌ فِـيهِ شَيْءٌ مِنَ الـتَّـحَـدِّي. لَمْ يُـوَبِّـخْهُ الـرَّبُّ بَلْ دَعـاهُ لِـيَأتي، فَـدَخَلَ بُطْـرُسُ في اخْـتِـبارٍ فَـرِيد. مَـشى عـلى الماءِ ما دامَ نَظَـرُهُ مُـوَجَّهًا إلى المَسيحِ، لَكِـنَّهُ حِينَ الْـتَـفَـتَ إلى الرِّيحِ خافَ وبَدَأَ يَغْـرَق. نَحْنُ أَيْضًا، إِذا ثَـبَّـتْـنا أَعْــيُـنَـنا عَـلى الـرَّبِّ نَسِيرُ فَـوْقَ المَصاعِـب، وعِـندما نَـنْظُـرُ إلى الأَخْطارِ ونَـنْسَى حُضُورَهُ نَغْـرَقُ في الهَـمِّ واليَأْس. صَرْخَةُ بُطْـرُسَ: «يَا رَبُّ، نَجِّـنِي» هِيَ صَلاةٌ قَـصِيرَةٌ مِنَ الأَعْـماقِ، إِذْ أَيْـقَـنَ أَلَّا خَلاصَ لَهُ إِلَّا بِالـرَّبِّ. حالًا، مَـدَّ الـرَّبُّ يَـدَهُ وأَمْسَكَ بِهِ ووَبَّخَهُ بِلُطْـفٍ. لَمْ يُـدِنْ ضُعْــفَـهُ، بَلْ ذَكَّـرَهُ بِأَنَّ الشَّكَّ لا يَـنْـفَـعُ، وأَنَّ الإِيمانَ وَحْـدَهُ يُشـدِّدُ الإِنْسانَ في وَجْهِ العاصِفَة. وما إِنْ صَعِـدا إلى السَّفـيـنَةِ حتى سَكَـنَـتِ الـرِّيحُ لأنَّ الطَّـبـيعَـةَ تَهْـدَأُ في حُـضُورِ الرَّبِّ والعاصِفَةَ تُطِـيعُـهُ. السَّفـيـنَةُ هُـنا رَمْـزٌ لِـلكَـنيسَةِ الَّتي ما دامَتْ مُـمْـتَـلِـئَةً بِحُضورِ الـرَّبِّ لا تَـقْـوَى عَـلَـيْها الرِّياحُ مَهْـما اشْتَـدَّت.
لَمَّا رَأَى التَّلامِيذُ ذَلِـكَ سَجَـدُوا مُـعْــتَـرِفـيـنَ بِأُلوهَـةِ المَسيح. لَمْ يَكُـنْ ذَلِكَ تَعْـبـيـرًا عَـنِ الإِعْـجابِ، بَلْ كانَ إِعْلانَ إِيمانٍ حَـقِـيقِيّ. مَعْـرِفَةُ المَسيحِ لا تَأْتي مِنَ الكَلامِ، بَلْ مِنْ عُـبُورِ المِحَـنِ واخْـتِـبارِ الخَلاص. يَقولُ القِـدِّيسُ غريغوريوس النِّيصَصِيُّ: «لا يُعْـرَفُ اللهُ بِالكَلامِ، بَلْ بِالسُّلوكِ في الطَّـرِيقِ الَّذي يَـقُـودُ إلى الـنُّـورِ عَـبْـرَ ظُـلْـمَـةِ الـتَّجْرِبَة".
 
وختم عودة: "يُلَخِّـصُ إِنْجيلُ اليَوم خِـبْـرَةَ الحَياةِ المَسِيحِيَّةِ بِكامِلِها، حَيثْ طاعَةُ الكَـلِـمَةِ، والدُّخولُ إلى سَفـيـنَةِ الإِيمانِ، ومُواجَهَةُ العَـواصِفِ، وطَـلَـبُ الحُضُورِ الإِلَهِيِّ، والغَـرَقُ حينَ يَـتَـشَـتَّـتُ نَـظَــرُنا، ثُمَّ الـنَّجاةُ حينَ نَصْرُخُ مِنْ أَعْـماقِـنا، وُصولًا إلى ثَباتِ السَّفـيـنَةِ حينَ يَـدْخُـلُها الرَّبّ. لِـذا، دَعْـوَتُـنا الـيَـوْمَ أَنْ يَـرَى كُـلٌّ مِـنَّـا في نَـفْـسِهِ بُطْـرُسَ، وأَلَّا نَخْجَلَ مِنْ ضُعْــفِـنا، بَلْ أَنْ نَصْرُخَ: «يا رَبُّ، نَجِّـنا». دَعْـوَتُـنا أَنْ نَـثِـقَ بِأَنَّ المَسِيحَ لا يَـتْـرُكُـنا وَحْـدَنا في البَحْرِ، بَلْ يَأْتِي إِلَـيْـنا حَـتَّى وَلَوْ حَسِبْـناهُ مُـتَـأَخِّـرًا، وَلَوْ لَمْ نَعْـرِفْ صَوْتَهُ وظَـنَـنَّاهُ خَيالًا. إِنَّهُ يَـأْتِي ماشِـيًا فَوْقَ مِـياهِ مَصائِـبِـنا، مادًّا يَـدَهُ، فَـيَـدْخُـلُ سَـفِـيـنَـتَـنا ويُسَكِّـنُ الرِّيحَ ويَـمْـنَحُـنا السَّلامَ. هذا يَـنْـطَـبِـقُ على حَـياتِـنا في وَطَـنِـنا. نُـشَـتِّـتْ أذْهـانَـنـا بِـأُمـورٍ تُـغْـرِقُــنـا فـي أمـواجِ الـضَـيـاعِ، تَـسْـلَـمُ سَـفـيـنَـةُ فَمَهْـما اشْـتَـدَّتِ الصِعابُ وكَـثُـرَتْ العَـراقـيلُ، إنْ آمَـنّـا أنَّ هـذا الـبَـلَـدَ بَـلَـدُنـا وأطَـعْــنـا دُسْـتـورَهُ، وطَـبَّـقْـنـا قَـوانـيـنَـهُ، وَوَضَعْــنـا ثِـقَـتَـنـا في دولَـتِـنـا وسَـلَّـمْـناها أمْـرَنا، وَطَـلَـبْـنـا مِـنْـها الإمـساكَ بـالـوَضْـعِ بِـمَـسـؤولِـيَّـةٍ وحَـزْمٍ، ولَـمْ وَطَـنِـنـا ونَـنْـجـو جَـميعُـنـا مِـنَ الـغَــرَقِ. ألا ألْـهَـمَ الربُّ الإلَـهُ حُـكـامَ هذا الـبَـلَـدِ وشَـعْـبَـهُ لِـيَـضَعـوا ثِـقَـتَـهُم بِـهِ ويَـعْـمَـلوا بِـهَـدْيِ كَلمته فبخلصون آمين".

 

Posted byKarim Haddad✍️

الراعي من قمة الصليب - فاريا: مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة والحياد الإيجابيّ
August 17, 2025

الراعي من قمة الصليب - فاريا: مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة والحياد الإيجابيّ

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي عند قمة الصليب - فاريا، بدعوة من رعية مار شليطا في فاريا، بحضور وزير الاعلام المحامي بول مرقص ممثلا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وزير الاقتصاد عامر بساط، النواب: ندى البستاني، شوقي الدكاش، سليم الصايغ ونعمة افرام، الوزير السابق منصور بطيش، رئيس بلدية فاريا جوزف خليل واعضاء المجلس البلدي، رئيس البلدية السابق ميشال سلامة ورؤساء بلديات ومخاتير وشخصيات سياسية ودبلوماسية وأمنية وإعلامية وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة بعنوان :"فيتلألأ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (متى 13: 43)".

وقال: "هذه الآية تُطبّق على القدّيس شربل، الذي نجتمع أمام تمثاله المرتفع فوق جبل فاريا العزيزة، والمطلّ على الجبال والتلال والبلدات والقرى وصولًا إلى الساحل والبحر. القدّيس شربل من قلب صمته وعزلته، أضاء على لبنان والعالم، وصار شمسًا روحيّة لا تغيب، بل تشرق على العالم بأسره، وتتلألأ فوق كلّ شعب ودين وعرق ولون، يشفي المرضى، يعزّي المتألّمين، يعيد النفوس الضالّة إلى حضن الله".

اضاف: "يسعدني أن أحيّيكم جميعًا أيّها الحاضرون الآتون من فاريا ومن كلّ مدينة وبلدة وقرية، للإحتفال بالليتورجيا الإلهيّة تكريمًا لمار شربل. وأخصّ بالتحيّة كل من له تعب في هذا المقام واصحاب هذه المبادرة، هذه المبادرة التقويّة الذين عملوا بمحبّة وتعب وسخاء القلب، لرفع هذا التمثال والمزار، تكريمًا للقدّيس شربل، وتمجيدًا لله.
انجيل اليوم يدعونا لنرى حياتنا على ضوء الأبديّة. فالله لا ينظر إلى البريق الخارجيّ، ولا إلى المجد الزائل، بل إلى القلب النقيّ الذي يحيا مشيئته. لقد عاش مار شربل هذه الحقيقة حتى النهاية. لم يبحث عن مجد أرضيّ، ولا عن منصب أو راحة، بل فقط عن وجه الله وحده. بصمته وفقره وطاعته، صارًا نورًا يتلألأ كالشمس في ملكوت الله. كلّ قدّاس نحتفل به هو إشراق جديد لهذا النور. نحن هنا لا نكرّم حجرًا بل إنسانًا صار إنجيلًا حيًّا ومشعًّا في ظلمات العالم، وعبرة لكلّ واحد منّا أنّ القداسة ممكنة، وأنّها تبدأ من بساطة الحياة، وأمانة القلب. إنّه رسالة حبّ متواصلة لكلّ من يطلب شفاعته.
من على هذا الجبل حيث تلتقي السماء بالأرض، لا يمكننا إلّا أن نصلّي من أجل لبنان، وطننا الحبيب. القدّيس شربل، الذي يحمل لبنان في قلبه وصلاته، يدعونا اليوم لنحمل لبنان إلى الله، بكلّ جراحه وأزماته، بكلّ شعبه المتألّم، بكلّ شبابه الحائر والمهاجر والمقيم. إنّ الرسالة التي يتركها لنا إنجيل اليوم، ورسالة هذا المزار، هي أنّنا مدعوّون لنكون نحن نورًا للبنان، هذا الوطن لا ينهض فقط بخطط إقتصاديّة أو قرارات سياسيّة، بل قبل كلّ شيء بقلوب مؤمنة، صادقة نقيّة، تتلألأ بفضائل كالشمس في حياتها اليوميّة. لقد اختار مار شربل العيش في الصمت والصلاة، ليضع سلامًا في قلبه. ونحن كلبنانيّين مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة، وطريق تنقية الذاكرة، وطريق الحياد الإيجابيّ المعترف به من منظّمة الأمم المتّحدة" .

وتابع: "مزار مار شربل هنا في فاريا يذكّرنا بأنّ لبنان، رغم جراحه، لا يزال أرضًا مقدّسة قادرة على أن تلد قدّيسين ينيرون العالم.
فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، بشفاعة القدّيس شربل، كي يملأ الله قلوبنا نورًا، ويمنح وطننا السلام والإستقرار، ويبارك عائلاتنا، ويجعلنا جميعًا شهودًا للمحبّة والقيم الروحيّة والإنسانيّة. فنرفع المجد والتسبيح لله، الآب والإبن والروح القدس، إلى الأبد، آمين" .

وفي ختام القداس، ألقى كاهن الرعية الأب شربل سلامة كلمة حول شهادة يوحنا المعدان عند رؤية المسيح، وقال :
"هذه الشهادة التي أطلقها يوحنا المعمدان عند رؤيته للمسيح شاهدًا بأعلى صوته لكي يسمع القاصي والداني، أن هذا هو ابن الله، لكي نطلقها اليوم مجدداً، معكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أنتم أيها البطريرك إلى القاصي والداني، من على منبر الجليل المتهلل لكي يكون لنا المسيح هو الخلاص والحياة، الذي نختاره إيماناً وقيماً، ورؤية حياتية، ومستقبلية.

“وأنا رأيت وشهدت” هذه صرخة حق أرادها يوحنا المعمدان نبوءة للمسيح منذ هذه البقعة المباركة، بقعة نهر الأردن – قائلاً: “وأنا رأيت وشهدت” أن هذا هو المسيح المخلص معتَرفاً أن الخلاص المسيحي متجذِّر في أمّ أساسي، في وسط كان الصعوبات والأزمات التي تتوارى علينا، لا وهم الشهادة الحقيقية وإظهارها في كل قول وعمل. حقيقة المسيح التي نؤمن بها أن تكون علامة فارقة في حياتنا ونوراً لنا في ظلمات حياتنا فترى أن الله معنا، وحقيقة كلمة الله التي نعيشها الحياة الحقة، وحقيقة الكنيسة التي نشهد لها أنها هي حياتنا المتمحورة عليها، هي حياتنا الكبيرة."

اضاف :"لا يغيب عن فكرنا أن إيماننا بالمسيح حاجة دائمة لنا للجوء حقيقي، لنسعى لنكتسب الصمود في الشهادة للحق والحقيقة؛ لأننا في المسيح نكون لا يهزمون وقوة غالبة للأشرار، والدفاع عن الحق ضد الظلم، ومن الحقيقة ضد الكذب، ومن الخير ضد الشر، ومن النعمة ضد الخطيئة.

“وأنا رأيت وشهدت” عهدنا المسيحي أن نعمل على أخذ المواقف الصحيحة للقاء الحق، وعلى حمل المسؤوليات ضميرية حول أمانتنا لما نرى ونؤمن ونشهد عام اهتمت به القلوب والصعوبات. وحبنا الحقيقة في دعائنا للرب أن يسمع لنا لنتمسك بها لنكون أمناء للحقيقة التي نعيش.

هذا إيماننا، هذا يقيننا، هذا عهدنا الذي نعيشه ونقدمه على الدوام."

وتابع الاب سلامة :“وأنا رأيت وشهدت” هكذا يهدي الصوت في قلب كل شاهد، ويرتفع في حياته أن تكون شهادته للإيمان، لكي يبقى في الحياة ويتبع من هو “الطريق والحق والحياة”. هكذا يكون كل إنسان تقي وخادم للكنيسة، يتنسم في فضاء النضال ليصل إلى ميناء الخلاص. أيها الأحبة، نرفع ابتهالنا ونصلي من أجلكم مع مطرانكم إلى ابننا الطريق، إلى ابننا الحياة، فهذا إيماننا، فلتكن هذه البقعة المباركة بيروتها قلوبنا وصدى نابع من حقيقتها أن الله في حياتنا ونشهد شهادة مسيحية صادقة. "

وختم الاب سلامة: "نشكر لكم حضوركم يا صاحب الغبطة والبطريرك بيننا، مع السادة الأساقفة، والكهنة، والشمامسة، والجوقة، ومع هذا الجمهور المبارك من فاعليات سياسية، وبلدية، وكل المؤمنين الحاضرين. ولكن يبقى عطاؤكم لنا، صامدين بوجه الصعوبات والمشاكل كافة، شهوداً للحق والحقيقة، بصلابة أمانة يوم الغدارات، سلطانة الانتقال، وشفيع القديسين. آمين."

بعدها توجه البطريرك الراعي والحضور الى منزل رئيس البلدية السابق ميشال سلامة حيث القيت كلمة ترحيبية عفوية بالبطريرك "الذي يزور فاريا والقديس شربل ، قديس لبنان الذي غير العالم بعظمة قداسته ويرفع عن لبنان امورا ثلاثة : الشدة والظلم والمآسي."
وفي الختام قطع البطريرك الراعي والوزير مرقص قالب حلوى بالمناسبة.

 

في إنجيل الزارع البطريرك الراعي يُسقط المثل على واقع الوطن: الشوك والمصالح تُخنق الخير
August 17, 2025

في إنجيل الزارع البطريرك الراعي يُسقط المثل على واقع الوطن: الشوك والمصالح تُخنق الخير

رحّب البطريرك الماروني الكاردينال ماربشارة بطرس الراعي، خلال قداس الأحد في الديمان، بـ"القيّمين على القطاع الزراعي وزير الزراعة الدكتور نزار هاني والمدير العام للوزارة المهندس لويس لحود وقد تابعنا منذ تشكيل الحكومة الاسلوب الراقي بالتنسيق والتعاون بينهما لمصلحة القطاع الزراعي. ونحيي مبادرة وزارة الزراعة بدعوة المزارعين للمشاركة في القداس والصلاة سنويًّا على نية هذا القطاع في كلّ عام منذ سنة 2021 في الصرح البطريركي في بكركي وقد اتفقنا مع المدير العام على اقامة هذا القدّاس في كرسينا في الديمان تأكيدا على دور المزارعين في قضاء بشري واقضية الشمال"، كما رحّب بـ"المزارعين والعاملين في القطاع الزراعي من كل المناطق اللبنانية وبإقليم جبّة بشرّي، التابع لكاريتاس لبنان. وهم في قدّاس الشكر السنويّ على حملة المشاركة 2025، بموضوع: إيمان، إنسان، لبنان. واحيي رئيس الرابطة الاب ميشال عبود مع كل معاونيه".

وقال في عظة القداس الإلهي على نيّة المزارعين: "إنجيل اليوم يروي كيف أنّ بعض الحبّ وقع على قارعة الطريق فأكلته الطيور، والبعض الآخر سقط على أرض حجرة فنبت للحال ولكنّه يبس لأنّ لا جذور له، وبعضه سقط بين الشوك فخنقته، وبعضه في الأرض الطيّبة فأثمر ثلاثين وستين ومئة. هذه الصورة تنطبق على حياتنا الروحيّة، وعلى حياتنا الوطنيّة، فالأرض الجيّدة هي القلوب المؤمنة، والضمائر النظيفة، والأيادي الأمينة. أمّا الطريق والأرض الحجرة والشوك فهي القلوب القاسية، والمصالح الضيّقة، والطموحات الأنانيّة التي تخنق خير الوطن".

أضاف: "ليست الأرض فقط مصدر رزق، بل هي هويّة وجذور. من يتمسّك بأرضه يحافظ على وطنه. ليست الزراعة قطاعًا ثانويًّا، بل هي ركيزة من ركائز الإقتصاد الوطنيّ، وضمانة لبقاء المواطنين في قراهم وبلداتهم بدل الهجرة والنزوح"، مؤكداً أنّ "أجل الأرض تُشكّل عنصرا جوهريا من الهوية الوطنية وهذا ما شكّل حافزًا للبطريركية والابرشيات والرهبانيات وابناء الكنيسة لاستثمار الاراضي في مجال الزراعة . إنّ تعاونها المستمر مع الكليات الزراعية والجمعيات والنقابات والتعاونيات تبقي المزارع في أرضه وتحدّ من النزوح والهجرة وبيع الاراضي الزراعية".

ودعا الراعي الدولة إلى "دعم القطاع الزراعي، وجعله اساسيا في الاقتصاد الوطنيّ، وتحسين سبل عيش المزارعين، وتعزيز كفاءة سلاسل الانتاج الزراعي والغذائي وقدرتها التنافسيّة وتحسين التكيف مع التغيير المناخي واستدامة نظم الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية"، معتبراً أنّ "دعم المزارع هو دعم للوطن. فحين نهمل المزارعين، نفرغ القرى والبلدات من سكّانها، ونفقد الأمن الغذائيّ، ونضعف سيادتنا الإقتصاديّة. علينا جميعًا، دولة وشعبًا، أن نعيد للزراعة مكانتها، عبر السياسات الداعمة، والأسواق العادلة، والبنى التحتيّة، والإبتكار الزراعيّ. فيستطيع لبنان أن ينهض، إذا استثمر في أرضه وشعبه. والمزارع هو الحارس الأوّل لهذه الأرض، والضامن لثباتنا في كلّ التحديّات".

وقال: "إنّ دعم المزارع ليس إحسانًا، بل هو حماية للهويّة الوطنيّة، ومنع لبيع الأراضي، وحفظ للجذور. المزارع هو حارس الحدود غير المرئيّة للوطن. بعمله اليوميّ يثبّت المواطنين في أراضيهم، ويحافظ على التوازن بين المدينة والريف، ويمنع النزوح الجماعيّ نحو المجهول. ولهذا، فإنّ حماية الزراعة هي حماية للبنان الرسالة، ولتنوّعه، ولمستقبله"، مضيفاً: "إنّا نتطلّع إلى دور الإنتشار اللبنانيّ، متمنّين على المنتشرين في أنحاء العالم مواكبة وزارة الزراعة لتسويق المنتوجات الزراعية النباتية والحيوانية والمونة والصناعات الغذائية، ونناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي للنهوض به وتأمين شبكة الامان الغذائي وتحويل النظام الزراعي والغذائي اللبناني لنظام اكثر صمودا وتنافسا".

إلى ذلك، نوّه الراعي بـ"جهود مدير عام وزارة الزراعة وموظفي الوزارة في السنوات الاخيرة بتعريف وتسويق  النبيذ اللبناني في الاسواق المحلية والخارجية ،وقد اوصلوه الى العالمية وانتشر في كل قارات العالم ، وقد تجلى ذلك بالانجاز العالمي الجديد الذي يرفع اسم لبنان على خارطة التميز الزراعي والتراثي ، اذ اعلنت المنظمة الدولية للكرمة والنبيذ خلال الشهر الماضي اعتماد مدينة زحلة "مدينة عالمية للكرمة والنبيذ" لتنضم الى تسعة مدن عالمية حازت على هذا اللقب . نبارك لوزارة الزراعة ولزحلة وللبنان".

وتوجّه إلى المزارعين بالقول: "أيّها المزارعون الأحبّاء، أنتم أكثر من عاملين في الأرض. أنتم حرّاس الإرث، وشهود الإيمان، وصنّاع الأمن الغذائيّ. من دونكم الأرض تُهجر، والقرى تخلو، والحقول تتحوّل إلى حجارة صامتة. دوركم ليس فقط في الزرع والحصاد، بل في تثبيت الإنسان في أرضه، ومنع نزيف الهجرة الذي يفرغ لبنان من طاقاته وشبابه:، خاتماً: "فنصلّي اليوم، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل كلّ مزارع، ومن أجل أن يبارك الله كلّ بذار يزرع، وكلّ يد تتعب، وكلّ موسم يُنتظر بفرح. ولله المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".