Friday, 22 August 2025

جاري التحميل...

جاري التحميل...

عاجل

عبسي في يوبيل تأسيس رعية المخلص في كندا: انه محطة نكتشف فيها خطوطا لم تتعطل وقطارات ما زالت تعمل

October 29, 2017

المصدر:

وطنية - ترأس بطريرك انطاكيا وأورشليم وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف عبسي، بعد ظهر أمس قداسا احتفاليا في كاتدرائية المخلص في مونتريال- كندا، لمناسبة يوبيل ال125 سنة على تأسيس رعية المخلص، عاونه فيه راعي الأبرشية المطران ابراهيم ابراهيم، رئيس أساقفة أوتاوا تيرانس بريندرغاست، والمطارنة ايسيدور بطيخة، عصام يوحنا درويش، روبير رباط، نقولا انتيبا، جوزف جبارة والأب العام الأشمندريت أنطوان ديب. وحضر القداس المطران الماروني في كندا بول مروان تابت، المطران آلان فوبير، المطران مارتان فييات، المطران لوقا كوريفو، مطران السريان الكاثوليك بول أنطوان ناصيف، مطران السريان الأرثوذكس المطران إيليا باهي، والأب أنطوان شادارفييان ممثل المطران جورج زباريان، وجمهور كبير من الكهنة.
كما حضر رئيس بلدية مونتريال دوني كودير، النائب فيصل خوري، الوزيرة كريستين سان بيار، السفير اللبناني في كندا فادي زيادة، عضو بلدية مونتريال عارف سالم وجميل شعيب وبعض الفاعليات وحشد كبير من المؤمنين.
تلا الإنجيل راعي الأبرشية ابراهيم وبعدها رحب بالبطريرك عبسي، الذي قدم اليه رئيس بلدية مونتريال دوني كودير مفتاح مونتريال وقدمت الوزيرة كريستين سان بيار باسم رئيس وزراء مقاطعة كيبيك فيليب كيويار درعا تذكارية لعبسي الذي بدوره قدم كتابا عن الإيقونات الملكية لكودير وللوزيرة سان بيار.

وفي العظة قال البطريرك عبسي: "أيها الأحباء يطيب لنا أنا وإخوتي السادة المطارنة المشاركين أن نلتقي بكم في هذه الليترجيا المقدسة. إخوتي هؤلاء قد أتوا من بلاد فيها لكنيستا انتشار وامتداد كالبلد الذي أنتم فيه. جاءوا حاملين آمال وهموم وشجون وشؤون وخبرات أبنائهم الذين هم إخوة لكم هاجروا أو هجروا نظيركم إنما إلى بلاد أخرى. جاءوا واجتمعوا في هذه الأيام لكي يروا كيف يسعهم أن يخدموهم ويخدموكم أنتم أيضا لان قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين أبناء الانتشار من كنيستنا ومن شرقنا. جاءوا حاملين إليكم تحياتهم ومحبتهم وتضامنهم وأمنيتهم بأن يكون لنا جميعا شبكة تواصل تساعد على أن نكون أكثر قربا بعضنا من بعض وأكثر تعاونا وتعاضدا وتضامنا وفاعلية
وخدمة لبلادنا وللبلاد التي أنتم وهم فيها، أما انا فقد جئت إليكم مع أخوي المطرانين عصام ونقولا حاملين إليكم أشواقا وتحيات وآمالا وأفراحا وبسمات ودموعا وخصوصا دعوة إلى أن لا ننسى الأرض التي ولد الكثير منا فيها وتربى وكون شخصيته". 

أضاف: "جئنا بنوع خاص حاملين من أرضنا ومن شعبنا تذكيرا بأنكم أنتم أبناء الشهداء. إن كانت المسيحية انتصرت وانتشرت فبفضل الدماء التي سفكها آباؤنا منذ القديم إلى اليوم. إن كان لنا شيء نعتز به ونفاخر فهو هذا، قد يكون من المعزب لنا بإزاء ألم الهجرة من بلادنا والنزيف الذي تسببه في جسم كنيستنا هو أنكم أنتم مسيحيي الشرق عندكم شيء تقولونه لإخوتكم المسيحيين في الغرب عن مسيحيتكم وعن شهاداتكم المسيحية وعيشكم للانجيل وانتمائكم إلى الكنيسة. لا نستطيع أن نرى، بعين الرجاء والإيمان، غير ذلك مبررا لهجرتنا، نحن مسيحيي الشرق إلى هذه البلاد . منذ أربع سنوات عقد
في الفاتيكان مجمع من أجل إعادة تبشير الغرب. قد نكون نحن، في تدبير الله
وتصميمه، من بين الوسائل والأشخاص التي يستعملها الله لهذا الغرض. لذلك علينا نحن المهاجرين او المهجرين أن لا نبقى متعلقين ومتمسكين بالماضي تعلقا يجمدنا ويقتلنا. علينا أن نتطلع إلى الأمام وننهض برجاء كبير للرسالة والشهادة. آباؤنا قلبوا العالم الروماني وأنتم أحفادهم هذه هي، رسالتكم أن تقلبوا العالم الذي انطلقتم إليه بشهادة الإنجيل الصادقة. هذه الرسالة تتطلب منا أن نكون مندمجين في المجتمع الجديد الذي انتمينا إليه، أن لا نعده غريبا أو خصما أو منافسا. علينا أن نكون مسيحيين من داخل ثقافته وعاداته، أن نكون مواطنين حقيقيين بكل ما لهذه الكلمة من
أبعاد. وإن كان لدينا أشياء نعتبرها جيدة ونتمسك بها كشرقيين من واجبنا أن نطعم هذا البلد بها أو أن نطعمها به. هذا لا يتنافى مع انتمائنا إلى بلادنا الأصلية ومحبتنا لها ومساعدتها وانتمائنا الى تراثنا وتقاليدنا. إن البلد الذي نحن فيه وغيره من البلاد أيضا يشجع على المحافظة على التقاليد والتراثات التي لا تتنافى أو لا ترفض قوانينها وانظمتها ودساتيرها".

وأردف عبسي: "إن فعلنا ذلك نبرهن أننا كنيسة عابرة للحدود والثقافات، كنيسة لا ترضى بالانكماش والتقوقع او بالعزل والرذل. كنيسة ليست كذلك لا مستقبل لها وإن بدا للبعض بسبب قصر نظرهم أن لها مستقبلا فهذا المستقبل هو مستقبل آت سريعا وقريبا على الانهيار والزوال. أما الدواء الناجع لنكون كذلك فهو الصداقة، أن نكون كلنا في تنوعنا أصدقاء بعضنا لبعض، صداقة نابعة من صداقتنا ليسوع المسيح الذي جعل من الاثنين واحدا، والذي وحد في شخصه المتناقضات، كما يعلمنا القديس بولس، إذ ليس عبد ولا حر ولا يوناني ولا إسكوتي ولا رجل ولا إمرأة بل الجميع واحد في المسيح. هل
فكرنا يوما أن الدم الواحد، دم يسوع، يسري في عروق كل واحد منا حين نتناوله وأننا نصبح بذلك من لحمه ومن عظامه، كما يقول القديس بولس أيضا. وليس عن عبث ما قاله القديس إيريناوس منذ بدايات المسيحية أن المسيحي موطنه العالم كله ورسالته وشهادته حيث يزرعه الله في هذا العالم. وليس من تناقض بين الاثنين بل تكامل وغنى".

وقال: "نحتفل اليوم بتذكار تأسيس هذه الرعية منذ مئة وخمسة وعشرين عاما. هذا الاحتفال يذكرنا فيما يذكرنا بأن الهجرة من بلادنا ليست وليدة اليوم ولا أحداث وأوضاع اليوم. هجرة اليوم، تحت أي شكل من الأشكال كانت، هي موجة من موجات الهجرة التي تعاقبت في تاريخ كنيستنا وفي تاريخ المشرق بنوع عام، حتى لتكاد تترسخ في عقولنا القناعة بأن الهجرة قدرنا يترسخ معها الشعور باليأس وخيبة الأمل من أن تتحسن الأشياء. ومع كل موجة هجرة تتشتت عائلات وتتفتت قلوب وتنهمر دموع وترتسم على الأخص علامات استفهام وتساؤلات: لماذا؟ إلى متى؟ ما المصير؟ لمن تقرع الأجراس من بعد ولمن تفتح الكنائس؟ لمن نخطط ونحلم ونبني؟ لكن ذلك كله نضعه بين يدي الله تعالى الذي وحده يصنع التاريخ ويوجهه.
نحن نثق بمن قال لنا "لا تخافوا". لذلك لا نريد اليوم، في هذا اليوبيل المقدس، أن نكون متشائمين بل متفائلين. لا نريد أن نصنع من هذا اليوبيل مطرحا للتطلع إلى الوراء والتحسر والحزن. فاليوبيل في المفهوم الكتابي الكنسي وقفة استراحة، نحمد الله وشكره والتهليل له، وقت نتذكر فيه ونعلن فيه الأعمال التي أجراها الرب في حياتنا فكونتها وباركتها وقدستها، وقت نشكر فيه الله تعالى على النعم التي نلناها من خلال هذه الكنيسة ومن خلال هذه الرعية، ونشكر الله تعالى على الخير الذي
استطعنا أن نصنعه أيضا. وهذا هو ما نحن فاعلونه في هذه الليترجيا الافخارستيا الشكرية. نحن اليوم هنا لنستريح، بالحمد والتهليل، إنما ليس من أعمالنا، بل في قلب يسوع، لنستريح ليس من همومنا، إنما في هدوء يسوع، لنستريح ليس من خطيئتنا، إنما في النعمة التي في يسوع. نحن هنا اليوم لا لنتطلع إلى الوراء إنما لنحيا هذه اللحظة مع يسوع أعيننا في عينيه في صمت المحبين. نحن اليوم، في هذه اللحظات وفي هذه الليترجيا، في عالم الله، فلنسترح ولنتمتع بجماله شاكرين. نحن اليوم في يوم من صنع
الرب فلنفرح لنتهلل به، ولنترنم لان "الترنيم هو خاصة المحبين"(cantare amantis est) كما يعتقد القديس أغسطينوس".

أضاف: "اليوبيل هو أيضا تبصر في الحاضر وتطلع الى الامام. اليوبيل محطة نأتي اليها من الماضي، نرتاح فيها، ثم نستقل قطار المستقبل والوجهة الجديدة. نحن الباقين اليوم، نحن الذين وصلوا إلى المحطة اليوم، ليس فقط هنا بل في رعايانا كلها، علينا قراءة الحاضر والتحضر للمستقبل. منا من هو متشائم، ومنا من هو خائف، ومنا من هو متردد، ومنا من يتساءل، هل نحتفل باليوبيل القادم، ومنا من هو ثابت متفائل. لكل منا أسبابه وتفكيره وإحساسه. لكننا إلى أي فئة من هؤلاء انتمينا علينا أن نقطع الرجاء.
اليوبيل هو محطة الرجاء، اليوبيل هو المحطة التي نكتشف فيها خطوطا لم تتعطل وقطارات ما زالت تعمل، نكتشف فيها اكثر من خط وأكثر من قطار نستطيع أن نستقله إلى المستقبل. إنما علينا أن نصغي إلى يسوع ليدلنا على الخط الصحيح وعلى القطار المناسب. قد لا يغير اليوبيل الأمور سيبقى الشجر على خضرته إلا أننا سنجعله أكثر
اخضرارا، والبحر على زرقته إلا أننا سنزيد سحره، وسيطلع النور كل يوم كما كان إلا أننا سنجعله أكثر رونقا. أجل لن يكون شيء جديد تحت الشمس إلا أننا نحن نريد أن نبدل أنفسنا فنخلق أناسا جديدين، تائبين عما ارتكبنا من خطايا، واعدين بأن نصوب مسيرتنا، بأن نغير ما في أنفسنا فيتغير ما في أنفس الغير، متطلعين إلى سماء جديدة وأرض جديدة حيث يمسح الله كل دمعة من عيوننا، وحيث لا يكون ليل من بعد ولا نحتاج إلى نور الشمس لأن الرب الإله ينير علينا (رؤيا ??: ?-? ؛ ??: ? ). لذلك ندخل
اليوم بالتفاؤل والإرادة والرجاء.

في ختام العظة توجه عبسي بالشكر الجزيل إلى الرهبانية المخلصية الممثلة بشخص الرئيس العام، وفي ختام القداس، تم تلاوة صلاة ختام اليوبيل. وبدوره أعلن راعي الأبرشية عن مشروع سيتم تنفيذه في القريب العاجل وهو إنشاء مقام لسيدة زحلة والبقاع في مونتريال - كندا.

وقدم رئيس جمعية زحلة طوني جحا درعين تذكاريين للبطريرك عبسي والمطران درويش. بعدها تم تبريك الكنيسة والمؤمنين بالماء المقدس.

وبعد القداس أقامت الرعية حفل استقبال وكوكتيل في قاعة الكاتدرائية على شرف البطريرك عبسي. 



=========== ر.ا

 

 

Posted by✍️

الراعي من قمة الصليب - فاريا: مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة والحياد الإيجابيّ
August 17, 2025

الراعي من قمة الصليب - فاريا: مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة والحياد الإيجابيّ

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي عند قمة الصليب - فاريا، بدعوة من رعية مار شليطا في فاريا، بحضور وزير الاعلام المحامي بول مرقص ممثلا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وزير الاقتصاد عامر بساط، النواب: ندى البستاني، شوقي الدكاش، سليم الصايغ ونعمة افرام، الوزير السابق منصور بطيش، رئيس بلدية فاريا جوزف خليل واعضاء المجلس البلدي، رئيس البلدية السابق ميشال سلامة ورؤساء بلديات ومخاتير وشخصيات سياسية ودبلوماسية وأمنية وإعلامية وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة بعنوان :"فيتلألأ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (متى 13: 43)".

وقال: "هذه الآية تُطبّق على القدّيس شربل، الذي نجتمع أمام تمثاله المرتفع فوق جبل فاريا العزيزة، والمطلّ على الجبال والتلال والبلدات والقرى وصولًا إلى الساحل والبحر. القدّيس شربل من قلب صمته وعزلته، أضاء على لبنان والعالم، وصار شمسًا روحيّة لا تغيب، بل تشرق على العالم بأسره، وتتلألأ فوق كلّ شعب ودين وعرق ولون، يشفي المرضى، يعزّي المتألّمين، يعيد النفوس الضالّة إلى حضن الله".

اضاف: "يسعدني أن أحيّيكم جميعًا أيّها الحاضرون الآتون من فاريا ومن كلّ مدينة وبلدة وقرية، للإحتفال بالليتورجيا الإلهيّة تكريمًا لمار شربل. وأخصّ بالتحيّة كل من له تعب في هذا المقام واصحاب هذه المبادرة، هذه المبادرة التقويّة الذين عملوا بمحبّة وتعب وسخاء القلب، لرفع هذا التمثال والمزار، تكريمًا للقدّيس شربل، وتمجيدًا لله.
انجيل اليوم يدعونا لنرى حياتنا على ضوء الأبديّة. فالله لا ينظر إلى البريق الخارجيّ، ولا إلى المجد الزائل، بل إلى القلب النقيّ الذي يحيا مشيئته. لقد عاش مار شربل هذه الحقيقة حتى النهاية. لم يبحث عن مجد أرضيّ، ولا عن منصب أو راحة، بل فقط عن وجه الله وحده. بصمته وفقره وطاعته، صارًا نورًا يتلألأ كالشمس في ملكوت الله. كلّ قدّاس نحتفل به هو إشراق جديد لهذا النور. نحن هنا لا نكرّم حجرًا بل إنسانًا صار إنجيلًا حيًّا ومشعًّا في ظلمات العالم، وعبرة لكلّ واحد منّا أنّ القداسة ممكنة، وأنّها تبدأ من بساطة الحياة، وأمانة القلب. إنّه رسالة حبّ متواصلة لكلّ من يطلب شفاعته.
من على هذا الجبل حيث تلتقي السماء بالأرض، لا يمكننا إلّا أن نصلّي من أجل لبنان، وطننا الحبيب. القدّيس شربل، الذي يحمل لبنان في قلبه وصلاته، يدعونا اليوم لنحمل لبنان إلى الله، بكلّ جراحه وأزماته، بكلّ شعبه المتألّم، بكلّ شبابه الحائر والمهاجر والمقيم. إنّ الرسالة التي يتركها لنا إنجيل اليوم، ورسالة هذا المزار، هي أنّنا مدعوّون لنكون نحن نورًا للبنان، هذا الوطن لا ينهض فقط بخطط إقتصاديّة أو قرارات سياسيّة، بل قبل كلّ شيء بقلوب مؤمنة، صادقة نقيّة، تتلألأ بفضائل كالشمس في حياتها اليوميّة. لقد اختار مار شربل العيش في الصمت والصلاة، ليضع سلامًا في قلبه. ونحن كلبنانيّين مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة، وطريق تنقية الذاكرة، وطريق الحياد الإيجابيّ المعترف به من منظّمة الأمم المتّحدة" .

وتابع: "مزار مار شربل هنا في فاريا يذكّرنا بأنّ لبنان، رغم جراحه، لا يزال أرضًا مقدّسة قادرة على أن تلد قدّيسين ينيرون العالم.
فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، بشفاعة القدّيس شربل، كي يملأ الله قلوبنا نورًا، ويمنح وطننا السلام والإستقرار، ويبارك عائلاتنا، ويجعلنا جميعًا شهودًا للمحبّة والقيم الروحيّة والإنسانيّة. فنرفع المجد والتسبيح لله، الآب والإبن والروح القدس، إلى الأبد، آمين" .

وفي ختام القداس، ألقى كاهن الرعية الأب شربل سلامة كلمة حول شهادة يوحنا المعدان عند رؤية المسيح، وقال :
"هذه الشهادة التي أطلقها يوحنا المعمدان عند رؤيته للمسيح شاهدًا بأعلى صوته لكي يسمع القاصي والداني، أن هذا هو ابن الله، لكي نطلقها اليوم مجدداً، معكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أنتم أيها البطريرك إلى القاصي والداني، من على منبر الجليل المتهلل لكي يكون لنا المسيح هو الخلاص والحياة، الذي نختاره إيماناً وقيماً، ورؤية حياتية، ومستقبلية.

“وأنا رأيت وشهدت” هذه صرخة حق أرادها يوحنا المعمدان نبوءة للمسيح منذ هذه البقعة المباركة، بقعة نهر الأردن – قائلاً: “وأنا رأيت وشهدت” أن هذا هو المسيح المخلص معتَرفاً أن الخلاص المسيحي متجذِّر في أمّ أساسي، في وسط كان الصعوبات والأزمات التي تتوارى علينا، لا وهم الشهادة الحقيقية وإظهارها في كل قول وعمل. حقيقة المسيح التي نؤمن بها أن تكون علامة فارقة في حياتنا ونوراً لنا في ظلمات حياتنا فترى أن الله معنا، وحقيقة كلمة الله التي نعيشها الحياة الحقة، وحقيقة الكنيسة التي نشهد لها أنها هي حياتنا المتمحورة عليها، هي حياتنا الكبيرة."

اضاف :"لا يغيب عن فكرنا أن إيماننا بالمسيح حاجة دائمة لنا للجوء حقيقي، لنسعى لنكتسب الصمود في الشهادة للحق والحقيقة؛ لأننا في المسيح نكون لا يهزمون وقوة غالبة للأشرار، والدفاع عن الحق ضد الظلم، ومن الحقيقة ضد الكذب، ومن الخير ضد الشر، ومن النعمة ضد الخطيئة.

“وأنا رأيت وشهدت” عهدنا المسيحي أن نعمل على أخذ المواقف الصحيحة للقاء الحق، وعلى حمل المسؤوليات ضميرية حول أمانتنا لما نرى ونؤمن ونشهد عام اهتمت به القلوب والصعوبات. وحبنا الحقيقة في دعائنا للرب أن يسمع لنا لنتمسك بها لنكون أمناء للحقيقة التي نعيش.

هذا إيماننا، هذا يقيننا، هذا عهدنا الذي نعيشه ونقدمه على الدوام."

وتابع الاب سلامة :“وأنا رأيت وشهدت” هكذا يهدي الصوت في قلب كل شاهد، ويرتفع في حياته أن تكون شهادته للإيمان، لكي يبقى في الحياة ويتبع من هو “الطريق والحق والحياة”. هكذا يكون كل إنسان تقي وخادم للكنيسة، يتنسم في فضاء النضال ليصل إلى ميناء الخلاص. أيها الأحبة، نرفع ابتهالنا ونصلي من أجلكم مع مطرانكم إلى ابننا الطريق، إلى ابننا الحياة، فهذا إيماننا، فلتكن هذه البقعة المباركة بيروتها قلوبنا وصدى نابع من حقيقتها أن الله في حياتنا ونشهد شهادة مسيحية صادقة. "

وختم الاب سلامة: "نشكر لكم حضوركم يا صاحب الغبطة والبطريرك بيننا، مع السادة الأساقفة، والكهنة، والشمامسة، والجوقة، ومع هذا الجمهور المبارك من فاعليات سياسية، وبلدية، وكل المؤمنين الحاضرين. ولكن يبقى عطاؤكم لنا، صامدين بوجه الصعوبات والمشاكل كافة، شهوداً للحق والحقيقة، بصلابة أمانة يوم الغدارات، سلطانة الانتقال، وشفيع القديسين. آمين."

بعدها توجه البطريرك الراعي والحضور الى منزل رئيس البلدية السابق ميشال سلامة حيث القيت كلمة ترحيبية عفوية بالبطريرك "الذي يزور فاريا والقديس شربل ، قديس لبنان الذي غير العالم بعظمة قداسته ويرفع عن لبنان امورا ثلاثة : الشدة والظلم والمآسي."
وفي الختام قطع البطريرك الراعي والوزير مرقص قالب حلوى بالمناسبة.

 

في إنجيل الزارع البطريرك الراعي يُسقط المثل على واقع الوطن: الشوك والمصالح تُخنق الخير
August 17, 2025

في إنجيل الزارع البطريرك الراعي يُسقط المثل على واقع الوطن: الشوك والمصالح تُخنق الخير

رحّب البطريرك الماروني الكاردينال ماربشارة بطرس الراعي، خلال قداس الأحد في الديمان، بـ"القيّمين على القطاع الزراعي وزير الزراعة الدكتور نزار هاني والمدير العام للوزارة المهندس لويس لحود وقد تابعنا منذ تشكيل الحكومة الاسلوب الراقي بالتنسيق والتعاون بينهما لمصلحة القطاع الزراعي. ونحيي مبادرة وزارة الزراعة بدعوة المزارعين للمشاركة في القداس والصلاة سنويًّا على نية هذا القطاع في كلّ عام منذ سنة 2021 في الصرح البطريركي في بكركي وقد اتفقنا مع المدير العام على اقامة هذا القدّاس في كرسينا في الديمان تأكيدا على دور المزارعين في قضاء بشري واقضية الشمال"، كما رحّب بـ"المزارعين والعاملين في القطاع الزراعي من كل المناطق اللبنانية وبإقليم جبّة بشرّي، التابع لكاريتاس لبنان. وهم في قدّاس الشكر السنويّ على حملة المشاركة 2025، بموضوع: إيمان، إنسان، لبنان. واحيي رئيس الرابطة الاب ميشال عبود مع كل معاونيه".

وقال في عظة القداس الإلهي على نيّة المزارعين: "إنجيل اليوم يروي كيف أنّ بعض الحبّ وقع على قارعة الطريق فأكلته الطيور، والبعض الآخر سقط على أرض حجرة فنبت للحال ولكنّه يبس لأنّ لا جذور له، وبعضه سقط بين الشوك فخنقته، وبعضه في الأرض الطيّبة فأثمر ثلاثين وستين ومئة. هذه الصورة تنطبق على حياتنا الروحيّة، وعلى حياتنا الوطنيّة، فالأرض الجيّدة هي القلوب المؤمنة، والضمائر النظيفة، والأيادي الأمينة. أمّا الطريق والأرض الحجرة والشوك فهي القلوب القاسية، والمصالح الضيّقة، والطموحات الأنانيّة التي تخنق خير الوطن".

أضاف: "ليست الأرض فقط مصدر رزق، بل هي هويّة وجذور. من يتمسّك بأرضه يحافظ على وطنه. ليست الزراعة قطاعًا ثانويًّا، بل هي ركيزة من ركائز الإقتصاد الوطنيّ، وضمانة لبقاء المواطنين في قراهم وبلداتهم بدل الهجرة والنزوح"، مؤكداً أنّ "أجل الأرض تُشكّل عنصرا جوهريا من الهوية الوطنية وهذا ما شكّل حافزًا للبطريركية والابرشيات والرهبانيات وابناء الكنيسة لاستثمار الاراضي في مجال الزراعة . إنّ تعاونها المستمر مع الكليات الزراعية والجمعيات والنقابات والتعاونيات تبقي المزارع في أرضه وتحدّ من النزوح والهجرة وبيع الاراضي الزراعية".

ودعا الراعي الدولة إلى "دعم القطاع الزراعي، وجعله اساسيا في الاقتصاد الوطنيّ، وتحسين سبل عيش المزارعين، وتعزيز كفاءة سلاسل الانتاج الزراعي والغذائي وقدرتها التنافسيّة وتحسين التكيف مع التغيير المناخي واستدامة نظم الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية"، معتبراً أنّ "دعم المزارع هو دعم للوطن. فحين نهمل المزارعين، نفرغ القرى والبلدات من سكّانها، ونفقد الأمن الغذائيّ، ونضعف سيادتنا الإقتصاديّة. علينا جميعًا، دولة وشعبًا، أن نعيد للزراعة مكانتها، عبر السياسات الداعمة، والأسواق العادلة، والبنى التحتيّة، والإبتكار الزراعيّ. فيستطيع لبنان أن ينهض، إذا استثمر في أرضه وشعبه. والمزارع هو الحارس الأوّل لهذه الأرض، والضامن لثباتنا في كلّ التحديّات".

وقال: "إنّ دعم المزارع ليس إحسانًا، بل هو حماية للهويّة الوطنيّة، ومنع لبيع الأراضي، وحفظ للجذور. المزارع هو حارس الحدود غير المرئيّة للوطن. بعمله اليوميّ يثبّت المواطنين في أراضيهم، ويحافظ على التوازن بين المدينة والريف، ويمنع النزوح الجماعيّ نحو المجهول. ولهذا، فإنّ حماية الزراعة هي حماية للبنان الرسالة، ولتنوّعه، ولمستقبله"، مضيفاً: "إنّا نتطلّع إلى دور الإنتشار اللبنانيّ، متمنّين على المنتشرين في أنحاء العالم مواكبة وزارة الزراعة لتسويق المنتوجات الزراعية النباتية والحيوانية والمونة والصناعات الغذائية، ونناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي للنهوض به وتأمين شبكة الامان الغذائي وتحويل النظام الزراعي والغذائي اللبناني لنظام اكثر صمودا وتنافسا".

إلى ذلك، نوّه الراعي بـ"جهود مدير عام وزارة الزراعة وموظفي الوزارة في السنوات الاخيرة بتعريف وتسويق  النبيذ اللبناني في الاسواق المحلية والخارجية ،وقد اوصلوه الى العالمية وانتشر في كل قارات العالم ، وقد تجلى ذلك بالانجاز العالمي الجديد الذي يرفع اسم لبنان على خارطة التميز الزراعي والتراثي ، اذ اعلنت المنظمة الدولية للكرمة والنبيذ خلال الشهر الماضي اعتماد مدينة زحلة "مدينة عالمية للكرمة والنبيذ" لتنضم الى تسعة مدن عالمية حازت على هذا اللقب . نبارك لوزارة الزراعة ولزحلة وللبنان".

وتوجّه إلى المزارعين بالقول: "أيّها المزارعون الأحبّاء، أنتم أكثر من عاملين في الأرض. أنتم حرّاس الإرث، وشهود الإيمان، وصنّاع الأمن الغذائيّ. من دونكم الأرض تُهجر، والقرى تخلو، والحقول تتحوّل إلى حجارة صامتة. دوركم ليس فقط في الزرع والحصاد، بل في تثبيت الإنسان في أرضه، ومنع نزيف الهجرة الذي يفرغ لبنان من طاقاته وشبابه:، خاتماً: "فنصلّي اليوم، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل كلّ مزارع، ومن أجل أن يبارك الله كلّ بذار يزرع، وكلّ يد تتعب، وكلّ موسم يُنتظر بفرح. ولله المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".