Sunday, 7 December 2025

جاري التحميل...

جاري التحميل...

عاجل
ساحة الشهداء تحتضن لقاءً يجمع البابا ورؤساء الطوائف في لبنان.. وهدية رمزية

ساحة الشهداء تحتضن لقاءً يجمع البابا ورؤساء الطوائف في لبنان.. وهدية رمزية

December 1, 2025

المصدر:

الوكالة الانباء المركزية

وصل قداسة البابا لاوون الرابع عشر في الرابعة من بعد الظهر الى ساحة الشهداء، حيث يشارك اللقاء المسكوني والحواري بين الأديان ولدى وصول البابا تم استقباله من قبل البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، وبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس  الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وشيخ العقل لطائقة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى.

هذا ويشارك في اللقاء كل من: البطريرك الماروني يشارة بطرس الراعي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس  يوحنا العاشر اليازجي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية والقدس للروم الكاثوليك مار يوسف الاول العبسي، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكاثوليكوس آرام الأول، بطريرك كيلّيكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون مينيسيان، بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي، النائب الرسولي للاتين في لبنان المطران سيزار أسايان، رئيس الطائفة الاشورية المطران مار مليس زيا، رئيس الطائفة القبطية في لبنان وسوريا القمص اندراوس الانطوني، رئيس المجمع الاعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسوريا القس جوزف قصاب، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان،  شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، رئيس المجلس الاسلامي العلوي  راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر، بطريرك الاسكندرية للأقباط الكاثوليك الأنبا إبراهيم إسحق سدراك، بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيير بتيستا بيتسابالا.
كما يحضر المطارنة: شارل مراد، دانيال كورية، يوسف سويف. وأمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، رئيس مجمع تعزيز الوحدة المسيحية الكاردينال كورت كوخ، رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال  كلاوديو غوجيروتي، رئيس مجمع الحوار بين الأديان الكاردينال جورج جاكوب كوفاكاد.

ويشارك ايضا: النائب ملحم خلف، والوزيران السابقان محمد الصفدي وعباس الحلبي، محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، نقيب المحررين جوزف القصيفي وحشد من الشخصيات الدينية والمدنية والسياسية.
ولدى دخول قداسة البابا علا التصفيق في القاعة واعتلى البابا المنصة  وصافح رؤساء الطوائف الذين سيشاركوم في اللقاء على وقع هتاف ليحيا البابا.

يونان:  وألقى بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان كلمة جاء فيها: "كما قال البابا يوحنا بولس الثاني لبنان ليس مجرّد بلد وإنّما رسالة إلى منطقتنا والعالم أجمع".
أضاف: "الزيارة اليوم من أجل بناء السلام والاستقرار في المنطقة، ولا سيما لبنان الصغير على الخارطة ولكن الكبير برسالته ودوره وفسيفسائه الاسلامي المسيحي".

تابع: "زيارتكم تتزامن مع محطتين أساسيتين في المسيحية: الذكرى الأولى للمجمّع المسكوني الذي عقد في نيقيا حيث اجتمعتم بطوائف دينية اخرى، كنائسنا تنظّم الاجتماعات المسكونية لتحتفل بالقانون الذي نجتمع تحته جميعنا، اما المحطة الثانية فهي الدعوة إلى الحوار ما بين الأديان هذه الدعوة التي أصدرها المجلس الفاتيكاني".

بعدها تم تلاوة نص من الانجيل مرنما بحسب الطقس البيزنطي، فتلاوة لآيات من القران الكريم.

يازجي: من جهته، رحب بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر يازجي في كلمة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء، بالبابا لاوون الرابع عشر، وقال:

"أهلا بكم في الأرض التي انغرس فيها صليب المسيح، أهلا بكم في لبنان هذا البلد الفريد الذي يتنفس في بيئتيه المسيحية والإسلامية، وبلد العيش الواحد والمكونات التي تنصهر لتكوّن لبنان".

دريان: كما القى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عيد اللطيف دريان كلمة في اللقاء الإسلاميّ المسيحي، بحضور بابا الفاتيكان لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء قال فيها:

" بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على أنبياءِ ورسلِ اللهِ أجمعين، وعلى سيِّدِنا محمدٍ خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين ، وعلى آلهِ وأصحابِه أجمعين.

وبعد : فإنّه لَمِن دواعي سُرورِنا أن نكونَ في استقبالِ بابا الفاتيكان لاوُون الرابعَ عَشَر الذي يزورُ لبنان بلدَ التَّعايُش والتَّعَدُّدِ الطَّائفيّ المتنوُّعُ ، وهو غِنىً وإثراءٌ لإنسانيةِ الإنسان ، واعتبارُ المواطَنةِ أساساً في تحديدِ الحقوقِ والواجبات على حدٍّ سَوَاء ، ومِن دونِ أيِّ تمييز. وفي لبنان نؤكِّدُ دائماً ثوابِتَنَا الوطنيةَ، في قِمَمِنا الرُّوحية ، ونَحتَرِمُ الحُرِّيَّاتِ الدِّينيَّةَ وحقوقَ الإنسان ، كأساسٍ للعيشِ المُشتركِ في مُجتمعِاتِنا المتنوِّعَةِ والمُتَعَدِّدة ، ولا نِتدِخَّلُ في الخصوصِيَّات ، فبلدُنا لبنان يَحمي دُستورُه حقَّ الطَّوائفِ في مُمارسةِ شرائعِها ، مِصداقاً لقولِه تعالى: ﴿لكلٍّ جعَلْنا مِنكُمْ شِرعَةً وَمِنهاجاً﴾.
الإسلامُ هو المَسِيرَةُ الإيمانيَّةُ بِاللهِ الوَاحِد ، مِن آدمَ إلى نوحٍ وإبراهيم ، إلى موسى وعيسى ، وانتهاءً بمحمد ، عليهم جميعاً صلواتُ اللهِ وسلامُه.

وقد قال اللهُ تعالى في مُحكمِ تَنزِيلِه: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ .

ونستذكر هنا ما أمرَ به رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الذينَ لا يَستطيعون الدِّفاعَ عَنْ أنفُسِهِمْ مِنَ المُؤمنين، بالهِجرةِ إلى الحَبَشَة  ، وقال لهم : (إنَّ فيها مَلِكاً لا يُظلَمُ عِندَهُ أَحَد) . وخَشِيَتْ قُريشٌ أنْ تَنتَشِرَ الدَّعوَةُ بهذهِ الطَّريقةِ خارِجَ مَكّة، فأرسَلتْ رُسُلَهَا إلى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الحَبَشةِ المَسِيحي ، لِيَطرُدَ المُسْلِمينَ مِنْ عِندِه ، وقد زَعَمَ رَسُولا قُريشٍ أنَّ هؤلاءِ اللاجئينَ عِندَه ، والطَّالبينَ حِمَايَتَه ، والعَيشَ مُؤَقَّتاً في جِوَارِه ، هُمْ ضِدُّ دَعوةِ عيسى عليهِ السَّلام ، فقرأَ جَعفرُ بْنُ أبي طَالِب، اِبْنُ عَمِّ النبيِّ على المَلِكِ صَدْرَاً مِنْ سُورةِ مريم ، فتأثَّرَ النَّجَاشِيُّ وقال: (إنَّ هذا ، ومَا أَتَى بِه عيسى ، لَيَخرُجُ مِنْ مِشكاةٍ واحدة) . وأبى أنْ يَطرُدَ الآتِينَ إليهِ ، هَرَبَاً مِنَ الاضْطِهادِ بِسَبَبِ إيمانِهم ، وأصبحَ المسيحيون في أرضِ الحبشةِ، أولَ أصدقاءِ الدَّعوةِ الجَدِيدَة ، وأوَّلَ أصدقاءِ أهلِها.
وإنَّ وَثيقةَ المدينةِ المُنوَّرة ، التي قامَتْ على أَساسِهَا نَوَاةُ الدَّولةِ الأُولى في الإسلام ، نَصَّتْ على أنَّ المؤمنين وغيرهم في المجتمعِ المَديني المتنوع، يُشَكِّلونَ مَعَ المسلمين (أُمَّةً وَاحِدَة)" .

اضاف: "بهذِه الأُسُسٍ الإيمانِيَّة، أُرَحِّبُ بِضَيفِ لبنانَ الكبير، البابا لاوَون الرابعَ عَشَر، مُتمنِّياً له التَّوفِيقَ في قِيَادَةِ السَّفِينَةِ المَسِيحِيَّة، لِمَا فيه خَيرُ الإِنسانِيَّة ، على النَّحوِ الذي تُجَسِّدُهُ وَثِيقَةُ الأُخُوَّةِ الإِنسانِيَّةِ ، بَينَ إِمَامِ الأَزهَرِ الشَّرِيف ، الشيخ أحمد الطيّب ، والبابا الراحل فرنسيس".

وختم دريان: "إنَّ لبنانَ هو أَرضُ هذِه الرِّسَالة ، وهو رَافِعُ رَايَتِها، وَالعَامِلُ عليها ولها . ولذلك فإنَّنا ، نَعُدُّ أَنْفُسَنا مُؤتَمَنِينَ ، دِينِيّاً وأخلاقِيّاً ووطنِيّاً ، على حَملِ مَشعَلِ هذِه الرِّسَالَة ، حتَّى يَعُمَّ الأمنُ والسَّلامُ في العالَم ، وحتَّى تَسُودَ المَحبَّةُ بينَ جَميعِ الأُمَمِ والشُّعُوب".

الخطيب: بدوره، رحّب نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، في كلمة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء بالبابا لاوون الرابع عشر، وقال: "

"نرحب بكم في لبنان، باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والطائفة الشيعية عامة، مقدرين زيارتكم لبلدنا، مثمنين مواقفكم في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا.
نحييكم بتحية الإسلام الذي يؤمن بالسيد المسيح عليه السلام، رسولا ونبيا ومبشرا وهاديا.
وتحية طيبة لجنابكم من لبنان الجريح الذي لطالما اعتبره الكرسي الرسولي في الفاتيكان، رسالة وليس بلدا على هامش التاريخ .
ومن هذا المنطلق أملنا كبير جدا، بأن تحمل زيارتكم لبلدنا كل فرص النجاح، وأن تُثمر في تعزيز الوحدة الوطنية المهتزة في هذا البلد المثخن بالجراح، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على أهله وأرضه.
إن ثقافتنا الروحية مبنيّة على الأخوة الإنسانية، نستوحيها من مبادئ الإسلام الذي لا يفرق بين البش، حيث يقول رسولنا الكريم محمد بن عبد الله "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى". كما نستمد هذه الثقافة من فكر خليفته الإمام علي بن أبي طالب الذي يرسم طبيعة العلاقة بين البشر بعبارته الإنسانية البالغة المعنى :"الناس صنفان.. إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". 
ونحن نعتبر أنفسنا أخوة في الايمان ونظراء في الخلق، لا نفرّق بين أبناء البشر إلا بالتقوى، وأن الاختلاف من طبيعة البشر، وأن العلاقة بين  المختلفين محكومة بالحوار والتعارف والتعاون على البِر والتقوى، وأن التعايش السلمي بين اتباع الديانات المختلفة هو القاعدة والأساس، وأن ما يحصل من حروب مفتعلة باسم الأديان لا يعبرعن حقيقة الدين الذي يقوم اولا على اساس حرمة الانسان وكرامته. 
اننا مؤمنون بضرورة قيام الدولة، لكننا في غيابها اضطررنا للدفاع عن انفسنا في مقاومة الاحتلال الذي غزا ارضنا، ولسنا هواة حمل سلاح وتضحية بأبنائنا. 
بناء على ما تقدم نضع قضية لبنان بين أيديكم بما تملكون من إمكانات دولية، لعل العالم يساعد بلدنا على الخلاص من أزماته المتراكمة، وفي طليعتها العدوان الإسرائيلي وما خلفه ويخلفه من تبعات على وطننا وشعبنا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
 

ويعقد اللقاء في خيمة بنيت خصيصا لهذا الحدث والتي تضم مسرحا صمم بشكل دائري كرمز للعائلة المتحدة.

بعد ذلك سيعرض وثائقي يتضمن شهادات حياة عن العيش المشترك والحوار بين الأديان. ويليه 8 كلمات لرؤساء الطوائف، فكلمة البابا لاوون الرابع عشر، وسيغرس البابا في وسط المكان شجرة زيتون رمزا للسلام.

افرام الثاني: وقال بطريرك السريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام خلال كلمة في اللقاء مع البابا لاوون في ساحة الشهداء: "بفرح روحي وأمل كبير أرحب بزيارة قداستكم إلى أرض القداسة لبنان، قلب الله، مستذكراً قول اشعياء النبي: »مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ، الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ» (اشعياء 52: 7). 
أرحّب بكم باسم كرسي أنطاكية الذي يشترك مع كرسي روما في خدمة بطرس هامة الرسل وبولس رسول الأمم، وباسم جميع مسيحيي المشرق الذين شهدوا ويشهدون للسيد المسيح منذ بدء المسيحية، رغم الضيقات والاضطهادات التي عانوا منها عبر العصور، فقلّ عددهم بشكل فادح، وأصبح وجودهم في أرض آبائهم وأجدادهم مهدّداً. وفي السنين الأخيرة، أصبحت بلادنا، بمسلميها ومسيحيّيها، ضحية حملات تكفيرية إرهابية وحروب دامية، وكذلك عدوّ إسرائيلي شرس، ممّا سرّع في تهجير الكثيرين. وفي الوقت عينه، عززّت هذه التحدّيات الوجودية العمل المشترك بين مختلف كنائس مشرقنا وأدّت إلى ما سمّاه سلفكم الطيب الذكر البابا فرنسيس: "مسكونية الدم". 
صاحب القداسة، 
تأتي زيارتكم الرسولية هذه في وقت حسّاس من تاريخ هذه المنطقة حيث نشهد اضطرابات كبيرة وتحولات جذرية، نأمل أن تنتج استقراراً وعدلاً وسلاماً لمنطقتنا لم تعرفه منذ زمن بعيد. فأبناء هذه الأرض توّاقون للسلام المبنيّ على العدالة، الذي يجب أن يؤدّي إلى صون كرامة الإنسان وحريّته، في ظل دولة يسودها حكم القانون وتقوم على المساواة في الحقوق والواجبات. 
صاحب القداسة، 
يعيش المسيحيون والمسلمون على هذه الأرض الطيبة منذ قرون، يتشاركون الآلام والآمال، ويتوقون إلى الاستمرار في العيش معاً مستفيدين من تجارب آبائهم وأجدادهم. ومع أهمية الحوار الأكاديمي بين ممثلي الأديان، تبقى الخبرة المكتسبة من العيش الواحد العنصر الأهم في تعزيزه. فالمشرق ليس حدوداً تُرسَم على الخرائط، بل هو حياة تُعاش، وذاكرة تُصان، ونسيجُ علاقات إنسانية جمعت عبر القرون بين المسلمين والمسيحيين. وهنا تعلّمنا أن العيش المشترك ليس شعاراً، بل حوار حياة يقوم على اللقاء الصادق والاحترام المتبادل، وعلى مسؤولية يحملها الجميع تجاه الإنسان - كلّ إنسان - لأنه محور رسالتنا وغاية دعوتنا.
وفي هذا البلد الحبيب، لبنان، أدركنا أن الإنسان لا يكتمل إلا بأخيه، وأنّ تلاقي أبناء الأديان قادر أن يبني مجتمعاً متماسكاً يقف في وجه التعصّب والانقسام، ويبعثَ الرجاء في زمن أثقلته الصعاب. وكلما ارتفع صوت الظلم أو تعمّق جرح الانقسام، بقيت الكنيسة في لبنان والمشرق شاهدة للضمير الإنساني، تدعو إلى الحوار الصريح، واحترام الحرية الدينية، وحفظ كرامة كل إنسان خُلق على صورة الله ومثاله.
صاحب القداسة، 
نعلم أنكم ستحملون في قلبكم معاناة هذا المشرق المتألم، وستعملون جاهدين على رفعها وضمان حياة حرة وكريمة لكل أبنائه، من خلال صلواتكم وعلاقاتكم وعملكم مع ذوي النوايا الحسنة. 
فلنرفع معاً صلاتنا إلى الرب الإله، سائلينه أن يبارك هذا اللقاء، وأن يجعل من زيارة قداستكم إشراقة جديدة في مشرقنا المعذّب؛ إشراقة تبدّد الخوف من القلوب، وتوقظ الرجاء في النفوس، وتعيد إلى شعوب منطقتنا الثقة بوعد الرب القائل: »أتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ، وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10:10).

شيخ العقل: وقال شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي ابي المنى في كلمة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء: "نصلّي معاً لخلاص لبنان والمنطقة وأن نطوّق الألم في الأمل ونتمسّك بالشراكة الوطنية وهي مظلّة عيشنا الواحد المشترك فلبنان يمكن أن يكون النموذج الأرقى للتنوّع في الوحدة".

أضاف: "زيارتكم تدعونا للارتقاء إلى ما هو أسمى الى إغلاق التعصب والتطرف ليكون صوت السلام أقوى من الحروب".

قدور: وقال رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور في كلمة خلال كلمة في اللقاء مع البابا لاوون في ساحة الشهداء:

"يشرفنا أن نعبّر بغاية السرور والمحبة عن تقديرنا العميق لقداسة الحبر الأعظم وأن نرفع إلى قداسته أسمى آيات الترحيب والتقدير بمناسبة زيارته الى لبنان، هذا البلد الذي شاءت حكمة الله أن يكون ملتقى الأديان وواحة للحوار وجسرًا بين الشرق والغرب".

واعتبر أن "زيارة البابا لاوون رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعاً بأن لبنان ما زال قادراً على النهوض واستعادة دوره".

أضاف: "إن حضور قداستكم ليس حدثًا بروتوكوليًا بل رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعًا ورسالة تأكيد أن لبنان رغم ما يمر به من محن ما زال قادرًا على النهوض برسالته".

هدية: وشهدت خيمة اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء تحضير هدايا رمزية وُضعت على المقاعد المخصّصة للمدعوين إلى لقاء البابا لاوون الرابع عشر بعد ظهر اليوم.

وتضمنت الهدايا نسخة من الإنجيل، وأخرى من القرآن الكريم، والعهد الجديد، إضافة إلى كوب تذكاري يحمل علمَي الفاتيكان ولبنان، في رسالة واضحة إلى قيم الوحدة والإيمان المشترك واحترام التنوع الديني.

وتحتضن ساحة الشهداء عند الرابعة عصراً اللقاء الحواري بين الأديان الذي يجمع البابا برؤساء الطوائف في لبنان وأكثر من 300 مدعو، حيث يتخلله ثماني كلمات للمرجعيات الروحية المسيحية والإسلامية، إلى جانب مشاركة فرق إنشاد من “سيستاما بيروت ترنم”، ودار الأيتام الإسلامية، و“مؤسسة الإمام الصدر”.

 

Posted byKarim Haddad✍️

عودة في قداس عيد القديس نيقولاوس: كان يدخل إلى عمق حاجة الإنسان ويساعده
December 6, 2025

عودة في قداس عيد القديس نيقولاوس: كان يدخل إلى عمق حاجة الإنسان ويساعده

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة خدمة قداس عيد القديس نيقولاوس العجائبي في كنيسة القديس نيقولاوس بحضور حشد من المؤمنين. وبعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "نقف اليوم أمام نعمة الله المعلنة في شخص القديس نيقولاوس العجائبي، الراعي الذي صار إنجيلا حيا تجلت فيه التطويبات التي تفوه بها الرب يسوع، والتي قبلها قديسنا كمنهج حياة، فسار في إثر المعلم بقلبه وسيرته وصبره، وصار مثالا للرعاة والمؤمنين معا. حين ننظر إلى القديس نيقولاوس، لا نراه شخصية تاريخية محاطة بالأساطير، بل نعاين وجها إنجيليا صافيا. هذا الأسقف الوديع حمل في قلبه روح المساكين بالروح، لأنه أدرك أن الغنى الحقيقي ليس في المال ولا في المكانة، بل في الدخول إلى فقر المسيح الذي به صار كثيرون أغنياء. كان يعطي بلا حساب، ويخدم دون أن ينتظر مكافأة أرضية. تماهى مع الباكين والمتألمين، واحتمل إضطهادات وجروحا من أجل البر. لم يتردد في مساعدة كل إنسان بائس، حتى صار اسمه مرادفا للرحمة، ولم يتوان عن الدفاع عن الإيمان في وجه الهرطقات".

أضاف: "المجمع النيقاوي، الذي عيدنا لذكراه ال1700 منذ أيام، والذي حضره القديس نيقولاوس، يشهد على غيرته على الإيمان القويم. لم يرض أن يدنس مجد الإبن الوحيد بأقوال آريوس، لأن قلبه كان مفعما بمحبة المسيح. هذه الغيرة يبرزها نص الرسالة حين يدعو المؤمنين إلى الثقة بمرشديهم «الذين يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سيعطون حسابا». الرعاة الحقيقيون هم الذين يحملون في أعماقهم نور الحق، لا طمعا بمجد باطل، بل غيرة على خلاص الإنسان. هكذا كان قديسنا راعيا يسهر على شعبه، لا كموظف في منصب، بل كأب روحي يرى في كل نفس صورة المسيح. يخبرنا التقليد الكنسي المقدس أن القديس نيقولاوس كان يقوم ليلا ليصلي لأجل شعبه، وكان يشعر بآلام الفقراء والخطأة كأنها آلامه الشخصية. هذا يجعلنا نفهم قول الرسالة: «فإنهم يسهرون لأجل نفوسكم سهر من سيعطي حسابا». لم يسهر القديس لأجل إدارة شؤون خارجية، بل لأجل أن تشفى النفوس، وأن تتقوى القلوب المتعثرة، وأن تجد كل نفس طريقها إلى النور. هذه دعوة واضحة لنكون شركاء في هذه المسيرة، مطيعين الرعاة الذين انتقاهم الروح القدس، وفاعلين في حياة الكنيسة، لأن الكنيسة ليست ملجأ تلقى فيه همومنا وحسب، بل جسد حي يطلب تفاعلنا وجهدنا وتوبتنا".

وتابع: "يظهر لنا إنجيل اليوم أن التطويبات حقيقة تعاش واقعيا. فكل من يعيش في عالم اليوم يشعر بثقل الألم والخوف والظلم والتحديات الأخلاقية والروحية والحياتية. كثيرون يبكون من الفقر أو الظلم، ويجوعون إلى العدالة والحق، ويشعرون بأنهم منبوذون بسبب تمسكهم بقيم الإنجيل. إلى هؤلاء كلهم يتوجه المسيح معلنا «طوبى لكم»، ليس لأن الألم بذاته حميد، بل لأن الله حاضر في عمق الألم، يحول الجراح إلى نعمة. هذا ما عاشه القديس نيقولاوس، إذ صار للمساكين معزيا، وللخطأة رجاء، وللمظلومين نصيرا، حتى إن اسمه ارتبط بالعجائب لأن محبته سمت فوق حدود الطبيعة. تعلمنا سيرته أن الإنسان المسيحي لا يكتفي بإيمان نظري. فالقديس كان رجل صلاة وعمل معا. لم يكن كاهنا ينطق بكلمات عظيمة ثم يترك الفقراء لقدرهم، بل كان يدخل إلى عمق حاجة الإنسان ويساعده دون أن يعرف أحد، كما في قصة الفتيات الثلاث اللواتي وهبهن المال سرا لينقذهن من السوء. كان قلبه هيكلا حيا، وذبيحته كانت الرحمة".

وقال: "وإذ يطلب الرسول بولس من المؤمنين أن يصلوا من أجله ومن أجل الإخوة، نسمع صدى طلبه في حياة القديس نيقولاوس الذي كان يرفع الجميع في صلاته، فنفهم أن الكنيسة لا تقوم على فردية روحية، بل على شركة في المحبة والصلاة والخدمة. اليوم، يحتاج المسيحي أن يستعيد هذا الحس الكنسي العميق، أي أن يكون جزءا من الجسد الواحد، يشعر مع الآخرين، ويصلي من أجلهم، ويخدمهم بفرح. يذكرنا الرسول بولس بأن إله السلام يكملنا في كل عمل صالح. هذه العبارة تكاد تكون شرحا روحيا لحياة القديس نيقولاوس، إذ لم يكن يعتمد على قوته ولا على حكمته، بل على الله الذي يكمل. لذلك يستطيع المؤمن، في وسط عالم يضغطه، أن يجد العزاء في الله، عالما أنه ليس وحده في جهاده، بل الله يعمل فيه، والقديسون يتشفعون به، والكنيسة تسنده. لذلك يقول لنا الرب: «إفرحوا وتهللوا» لا بفرح سطحي يتجاهل الألم، بل بفرح مبني على الرجاء بأن المسيح حاضر، وأن ملكوته يقترب، وأن الصليب ليس النهاية".

وسأل: "كيف يمكننا أن نتشبه بالقديس نيقولاوس اليوم؟ لعل الخطوة الأولى أن نسمح للإنجيل أن يدخل واقع حياتنا، فلا نهرب من دعوة التطويبات، بل نعيشها قدر المستطاع، بأن نكون بسطاء، ودعاء، صادقين في إيماننا، قريبين من الجائعين والمتألمين، وشاهدين للمسيح في عملنا وعائلاتنا ومجتمعنا. وأن ننفتح على حياة الكنيسة، مطيعين توجيهات مرشديها، ومساهمين في رسالتها، وواعين أن خلاصنا ليس مشروعا فرديا بل مسيرة جماعية. لنتشبه بالقديس نيقولاوس، ولو قليلا، لنصبح مثله أيقونات للمسيح في العالم".

وختم: "ألا منحنا الرب قلبا رحيما كقلبه، وإيمانا ثابتا كإيمانه، ومحبة عاملة كمحبته، لننال نحن أيضا نصيبا من التطويبات، ونصبح أبناء الملكوت، نشهد للنور وسط دهر مظلم".

 

البطريرك العبسي في كلمته للبابا:  نرجو أن تواصلوا جهودكم لمنحنا السلام
December 2, 2025

البطريرك العبسي في كلمته للبابا: نرجو أن تواصلوا جهودكم لمنحنا السلام

 قبل أن يبدأ البابا لاون الرابع عشر القداس الإلهي في الواجهة البحرية، كان للبطريرك العبسي بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، كلمة رحّب فيها بالبابا قائلًا:

"قداسة البابا لاون، في هذا اليوم وفي هذه اللحظات أتت إليكم والتفّت من حولكم هذه الجموع الغفيرة التي تشاهدونها قادمةً من لبنان كلّه وحتّى من خارج لبنان لتراكم وتسمعكم وتصلّي معكم وتستقي منكم العزيمة والرجاء والفرح والراحة.
هذه الجموع التي تشاهدونها قد أتت من هذا البلد، لبنان، الذي يُعرف ببلد السلام، لتردّ عليكم السلام الذي أطلقْتَموه للعالم أجمع عقب انتخابكم بإعلانكم: "السلام لجميعكم". أتت هذه الجموع لتقول لكم "ولروحك أيضًا"، و"أهلًا وسهلًا" بقداستك في لبنان، مرحّبة، مفترشة من قلوبها أغصانًا للزينة وصارخة نظير تلك الجماهير في يوم الشعانين "مباركٌ الآتي باسم الربّ".
أضاف: "قداسة البابا، هذه الجموع التي تحيّيكم وتصلّي معكم الآن وهنا هم أبناء الكنائس الشرقيّة العزيزة على قلبكم والتي خصّصتُم لها أوّلى لقاءاتكم وعبّرتم لها فيها عن بالغ تقديركم لها وعن إرادة وواجب المحافظة عليها ودعمها، لأنّها كنز للكنيسة الجامعة، ولأنّ بقاءها بالتالي وحضورها في لبنان والشرق لا غنى عنهما. من روما إلى القسطنطينيّة إلى أنطاكية، مشوارٌ إيمانيّ أردتَم به، يا قداسة البابا، أن تقرنوا القول بالفعل وأن تعبّروا في الوقت عينه عن رغبتنا كلّنا في أن نكون واحدًا ليؤمن العالم، السيّد المسيح قال لبطرس: "أنت الصخرة عليها أبني كنيستي"، وها هو خليفته في رومة، المترئّس في المحبّة، قد أتى "يثبّت إخوته" في لبنان والشرق الحائر التائه. دعوتنا اليوم لنصلّي معكم وتُسمعونا كلمات الثبات في الإيمان والرجاء والمحبّة.
إنّ حضوركم في هذا التوقيت الحرج يحمل في جوهره رسالة رجاء بليغة، تعبّر عن قرب الكرسيّ الرسوليّ الروماني من اللبنانيّين بشكل خاصّ ومن شعوب المنطقة بشكل عامّ. رجاؤنا أن تواصلوا، يا صاحب القداسة، جهودكم الدؤوبة مقرونة بالصلاة على خطى أسلافكم لكي يمنحنا إله السلامِ السلامَ حتّى يبقى أولادنا صامدين في أرضهم وفي رسالتهم، مناراتٍ للعيش المشترك وشهودًا للعالم أنّ الإنسان واحد وأنّ الصداقة والجيرة والمواطنة أقوى وأمتن من التفرقة".
وفي الختام قال البطريرك العبسي: "قدومكم إلى لبنان، يا قداسة البابا، ليس للسير في خطى أسلافكم وحسب إنّما يحمل رسالة سامية للذين التقيتم بهم خصوصًا المكرّسين والشباب. وبزيارتكم لمقام القدّيس شربل، وللمرضى في دير الصليب، وللمهجّرين والمجروحين بالقرب من هنا أريتمونا الأولويّة: الصلاة ورعاية الناس المتعبين. سوف نترك هذا المكان ونخرج من هذه الليترجيّا الإلهيّة التي تصنع وحدتنا وفي قلبنا فرح وسلام لن ينزعهما منّا أحد أو شيء لأنّهما وعد السيّد.
أيّها الأب الأقدس، إذ نشكر الله الذي أعطانا رئيسَ كهنة مثلَكم، نلتمس بركتكم الرسوليّة، باسمنا كلّنا نحن الذين من حولكم، وباسم غيرنا الكثيرين الذين يرونكم ويسمعونكم من حيث هم، نصافحكم قائلين: "سلام المسيح"، "المسيح فيما بيننا"، "أهلًا وسهلًا".