https://www.traditionrolex.com/8


"خطير جداً"... من يُزوّر مستندات عقارات المسيحيّين في العراق ويصادرها؟


On 15 June, 2023
Published By Tony Ghantous
"خطير جداً"... من يُزوّر مستندات عقارات المسيحيّين في العراق ويصادرها؟

الأحد 19 آذار (مارس) 2023. الخامسة وتسع عشرة دقيقة مساءً. قوة تابعة لمديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في نينوى، تحاصر مركبة يقودها متهم مطلوب بقضايا تزوير مستندات عقارات وبيعها. الخطوة أتت في إطار ملاحقات أمنية لشبكات مدعومة من أفراد في الدولة تمتهن تزوير عقارات للدولة أو لمواطنين غائبين، بعضهم من المسيحيين، فمن يُزوّر مستندات عقاراتهم؟ 

المتهم، الملاحق بقضايا عدّة، كان مسلحاً. رفض تسليم نفسه، وتبادل إطلاق النار مع عناصر القوة، فقُتل ضابط، قبل أن يتمكنوا من إصابته والقبض عليه وضبط ما كان في حوزته. الحادثة، ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة في نينوى، في ساعتها الأولى، و"سريعاً ما تلاشت كل الأخبار المتعلقة بها، ليظهر أن خلف الصمت المطبق لنشطاء ومدوّني نينوى عن مقتل الضابط الرفيع، توجيهات صارمة من قوى متنفذة لا تريد انكشاف تفاصيل القضية والجهة التي تقف وراء المتهم"، وفق شبكة "نيريج" العراقية للصحافة الاستقصائية. معلومات "الصمت تحت التهديد" أكدتها مصادر عديدة للشبكة، قال أحدها: "تلقينا جميعاً رسالة محددة وبلغة تهديد واضحة أجبرتنا على الصمت.. ماذا يمكن أن تقول ومن يستطيع حمايتك؟ حتى كبار ضباط الحكومة في دائرة الخطر، فكيف بنا نحن؟".

نينوى شهدت خلال العقدين الأخيرين عمليات تزوير واسعة لعقارات تابعة للدولة وأخرى لمواطنين غائبين، بحسب شبكة "نيريج"، "شارك فيها موظفون تحت تهديد التنظيمات الإرهابية حيناً، وضغط جماعات نافذة أحياناً، لما تشكله تلك العقارات من باب لجني عشرات ملايين الدولارات لمصلحة أفراد في شبكات تربطها علاقات بجماعات مسلحة".

من يبيع عقارات المسيحيين؟

النزوح الكبير للمكونات بدأ في 2004 و2005 مع التحديات الأمنية وظهور الجماعات الإرهابية، كما يقول لـ"النهار العربي" مدير شبكة "نيريج" للصحافة الاستقصائية سامان نوح. غالبية المسيحيين نزحت من مناطق محافظة نينوى والعاصمة بغداد، ومن بقي منهم في جنوب العراق. "نستطيع أن نقول إن غالبية مسيحيي بغداد تركوها باتجاه إقليم كردستان في بداية 2004، ومع التدهور استمر النزوح إلى إقليم كردستان"، يقول  نوح. في نينوى أيضاً تكرر المشهد نفسه بالنسبة إلى المسيحيين والأيزيديين. "وعندما نتحدث عن النزوح إلى كردستان فهذا نزوح أولي يكون محطة باتجاه إيجاد منافذ للهجرة إلى الاتحاد الأوروبي". 

ملف تزوير مستندات العقارات، هو ملف خطير جداً وكبير جداً، في نظر سامان نوح، "وهو مستمر منذ أكثر من عشر سنوات، وكان موجوداً في فترة سيطرة القاعدة على محافظة نينوى، واستمر هذا الأمر في فترة سيطرة "داعش" رسمياً على محافظة نينوى، والآن هو موجود بشكل أو بآخر في ظل وجود فصائل شيعية". في كل هذه المراحل، ثلاث أو أربع مراحل، "الذي كان يسيطر على دوائر العقارات في نينوى كان يقوم بعمليات تزوير لمصلحته. تنظيم القاعدة أولاً، وتنظيم "داعش"، ضغطوا على موظفين حكوميين وهددوهم لتزوير مستندات، فحصلوا على عشرات ألوف العقارات بطريقة غير رسمية، وأصبحت هذه الأملاك جزءاً من أملاك هذه العناصر المسلحة" يؤكد. 

بعد عام 2017 هناك فصائل شيعية أيضاً ضغطت على موظفين للحصول على بعض العقارات أيضاً، لأسباب تتعلق بالحصول على امتيازات مالية، وهذا ما أضر بملف المكوّنات، لأن جزءاً من عمليات التزوير حصل بحق العوائل المسيحية التي لم تكن موجودة خلال العشر أو الخمس عشرة سنة الأخيرة في نينوى عامةً وفي الموصل خاصةً. غياب المسيحيين لم يسمح لهم بالبحث أو معرفة مصير عقاراتهم، يقول مدير شبكة "نيريج"، ولذلك كانت عمليات الاستيلاء عليها سهلة، وهذا ما حصل فعلياً، والآن هناك عشرات الدعاوى التي سجلها مسيحيون لاسترداد عقاراتهم التي تم الاستيلاء عليها بطريقة غير رسمية. 

هذا الملف، وإن كان يشمل المسيحيين والأيزيديين، لكنه ملف عام يتعلق بتزوير العقارات من قبل الأطراف التي سيطرت على هذه المنطقة، ونحن الآن نتحدث عن عشرات آلاف العقارات التي يزيد ثمنها على المليار أو الملياري دولار، استطاعت هذه الجهة أو تلك بفضل وجودها أو أذرعها الأمنية والإدارية شراءها وبيعها بطريقة غير قانونية. 

أين هي الدولة؟ يجيب نوح: "كان هناك غياب للدولة لأكثر من 13 عاماً، في السنوات الأخيرة تحاول هيئة النزاهة استعادة آلاف الدور، وهي نجحت في استعادة آلاف العقارات في محافظة نينوى وفي مناطق أخرى، لكن العملية صعبة جداً ومعقدة وتحتاج إلى أدلة ومستندات، وبعض هذه المستندات أُحرق، وحتى لا وجود لها في بغداد، لذلك فالملف معقد جداً رغم محاولة بعض الجهات إيجاد الحلول".

مافيا

في 20 آذار (مارس)، أي بعد يوم من توقيف المُزوّر مع مضبوطاته، أصدرت دائرة التحقيقات التابعة لهيئة النزاهة الاتحاديَّة بياناً أكدت فيه ضبط حالات تجاوز على أكثر من 343 دونماً من الأراضي العائدة للدولة في محافظة نينوى، مُبيّنةً أنّ قيمتها تجاوزت 53 مليار دينار، أي ما يزيد على 40 مليون دولار.

قبلها بأقل من شهر، في 22 شباط (فبراير) 2023، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة تنفيذ عمليتي ضبط لمُتَّهمين بالتجاوز على عقارات مملوكة للدولة وترويج معاملات بيعها في نينوى خلافاً للقانون بقيمة مليار وخمسمئة وخمسين مليون دينار. ولكون الدونم يساوي في العراق 2500 متر مربع، فإن مجموع المساحات التي ضبطت تبلغ 869500 متر مربع، وهي من بين 8585 عقاراً تابعاً للدولة، أعلنت الهيئة العامة للنزاهة في الأول من كانون الثاني (يناير) 2021 أنها مستولى عليها في نينوى من دون تحديد الجهات التي قامت بذلك. الهيئة بينت أن 2888 من تلك العقارات تم التعامل معها قضائياً، وهناك إجراءات لاستعادتها، بينما هنالك 5662 عقاراً لم يُتّخذ أي إجراء بشأنها، من دون توضيح أسباب ذلك. 

 

المصدر: "المصدر: النهار العربي خلدون زين الدين"






إقرأ أيضاً

خبير أحياء مائية يكشف مفاجأة... قرش الغردقة قاتل متسلسل
أمير قطر يبدأ زيارة رسمية للعراق

https://www.traditionrolex.com/8