https://www.traditionrolex.com/8


"النهار العربي" في حوّارة الفلسطينية يعاين رماد ليالي البلور: صدمة ورعب وخسائر بملايين الدولارات


On 06 March, 2023
Published By Tony Ghantous
"النهار العربي" في حوّارة الفلسطينية يعاين رماد ليالي البلور: صدمة ورعب وخسائر بملايين الدولارات

يخيّم الخوف والقلق على سكان بلدة حوّارة الفلسطينية جنوب مدينة نابلس هذه الأيام. لا أحد يتمكن من زيارة البلدة التي أعلنها الجيش الإسرائيلي الجمعة الماضي منطقة عسكرية مغلقة، ومحاطة بحواجز مشددة من كل المحاور وسط انتشار عسكري إسرائيلي، خصوصاً الكتيبة 202.

وهاجم مستوطنون إسرائيليون ليل الأحد-الإثنين من الأسبوع الماضي البلدة انتقاماً للعملية التي نفذها فلسطيني وأدت الى مقتل مستوطنين من مستوطنة براخا القريبة، وقاموا بحرق المنازل أثناء تواجد السكان فيها، وحطّموا المحال التجارية وأشعلوا النيران فيها وحاولوا اقتحام المتاجر الكبرى عبر تكسير الأقفال والبوابات. ولم تسلم الممتلكات الخاصة من الاعتداءات، إذ أحرقوا مئات السيارات، حيث سُجلت خسائر بملايين الدولارات.

محرقة حوّارة

عندما تتحدث مع أهالي بلدة حوّارة، تشعر بحجم الرعب والصدمة ما بعد الحدث الذي مروا به ليل الأحد-الاثنين الماضي، حيث هاجمهم مستوطنون منظمون في مجموعات قدرت أعدادهم بـ800، من مستوطنتي يتسهار وبراخا القريبتين، بعضهم كان مدججاً بالسلاح والقسم الآخر منهم كان جاهزاً لتنفيذ الانتقام من سكان البلدة باستخدام الزجاجات الحارقة وإلقاء الحجارة، وسكب البنزين وإشعال النيران وسط حماية من الجيش الإسرائيلي الذي لم يمنعهم حتى من تنفيذ مخططاتهم.

ما زالت أثار تلك الليلة المرعبة مطبوعة في الذاكرة، لن ينساها، لا الكبار ولا الصغار أبداً، حين تحوّل ليل بلدتهم الصغيرة الى جحيم "ليلة بلورية-كريستالية" بامتياز، فما لم تأكله النيران تحطم وتكسر أمام أعينهم، بسبب الحجارة التي انهمرت مثل المطر على منازلهم من كل اتجاه. طوال ساعات  راقبوا من خلف النوافذ والأبواب حرائق تلتهم الأخضر واليابس، وانبعاث الدخان الذي بدأ يحاصرهم، صرخوا لساعات يطلبون النجدة لكن لا مجيب، وأن أحداً لم يلب نداءهم، فالجيش الاسرائيلي كان يطلق النار على كل شخص حاول الخروج أو الاقتراب من أي محور من محاور القرية.

أمير أبو مازن (13 عاماً) تلميذ في الصف الثامن، قال لـ"النهار العربي" إن المستوطنين هجموا على بيته الواقع في الشارع الرئيسي للبلدة، وقاموا بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة فأحرقوا سيارتين للعائلة. وأضاف أن لولا وجود حماية حديدية حول النوافذ لكنا احترقنا أيضاً. لم يكتفِ المستوطنون بذلك إذ أحرقوا جزءاً من مدرسة البلدة، ولن نذهب إليها خلال الأيام المقبلة، ربما سنتابع دراستنا عبر تطبيق "زوم". وعلى الرغم من صغر سنه بدا أمير متماسكاً أكثر من جده الثمانيني، وشقيقه العشريني الذي يعمل في مطعم قريب.

المسعف المتطوع أحمد الحواري قال لـ"النهار العربي": "أنا مسعف متطوع في الهلال الأحمر الفلسطيني منذ عام 2005، لم يسبق لي أن رأيت شيئاً من هذا القبيل طيلة السنوات الماضية. قمنا بالتعامل مع أكثر من 130 حالة اختناق بسبب احراق المنازل ورفض الجيش إخلاء الأهالي من منازلهم، كما منع الفلسطينيين من الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم. وفي الوقت الذي كان يسمح فيه للمستوطنين بالتخريب كان يطلق القنابل المسيلة للدموع والرصاص على الفلسطينين بشكل مباشر. الناس تحصنوا في الحمامات والمطابخ ولم يكن لديهم أي خيارات اخرى للهروب من النار التي اشتعلت في كل مكان".

فقدان السيطرة

وسط الفوضى التي تعم إسرائيل من جهة، يبدو بوضوح أن هذه الحالة وصلت الى الأجهزة الأمنية وإلى الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية تحديداً. وقد يكون هناك تواطؤ مدروس منعاً لتفجر جبهة المستوطنين داخلياً، ففي الوقت الذي منعت القوات الأمنية أهالي حوّارة من فتح محالهم لليوم الخامس على التوالي، لا يزال يُسمح للمستوطنين بالتنقل عبر الشارع الرئيسي للبلدة الذي يصل المستوطنات في المنطقة بشارع 60، كما لا تزال أعداد منهم تتجمع يومياً على اطراف البلدة.

وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن "الجيش قد تواطأ بشكل واضح مع إرهاب المستوطنين في بلدة حوّارة، إلى درجة فقدان السيطرة تماماً في التعامل معهم، حيث سمح بالنشر عن حادثة تعرض فيها ضابط إسرائيلي للضرب والرجم بالحجارة عند مفترق حوّارة، بل أكثر من ذلك فقد اعتبرت صحيفة "هآرتس" أنه فشل في احتواء عنف المستوطنين ومنعه وتوقعه في الأساس.

وسخرت الصحيفة من تصريحات قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، يهودا فوكس وقوله: "هذا حادث خطير جداً، لم نتجهز لوضع بهذا الحجم، ولم نستعد لمواجهة مستوطنين يحملون عشرات الزجاجات الحارقة "المولوتوف"، يركضون ويتنقلون في كل مكان وسط الظلام ويحرقون منازل الناس وسياراتهم". ونشرت الصحيفة رسماً كاريكاتورياً لأحد الجنود وهو مغمض العينين فيما الحرق والتخريب خلف ظهره، ويتساءل: "متى مسموح لي أن أفتح عيني؟".

وكتب جدعون ليفي في الصحيفة ذاتها: "مصدر واحد فقط لم يعرف ولم يرَ ولم يسمع... أو ربما أنه سمع وعرف وتجاهل، إنه جهاز الأمن الإسرائيلي الذي يتمثل بالجيش وحرس الحدود وجهاز الأمن العام "الشاباك". لم يستعدوا لأي مذبحة ولم يفعلوا أي شيء لمنعها، بسبب اللامبالاة والاستخفاف وغض النظر المتعمد بشكل جيد".

وختمت "هآرتس": "من حوّارة الى باريس - صاحب محل لبيع الذهب في حوّارة، غادر مع عائلته الى سلفيت المجاورة بعد معرفته بهجوم قريب للمستوطنين، وصحافيون في باريس علموا بذلك أيضاً، الكل عرف وتوقع قبل ساعات، إلا المنظومة الأمنية في إسرائيل... لم تكن تعلم ذلك".

محو حوّارة

بدوره، صرح وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتساليئيل سموتريتش قائلاً: "على المستوى السياسي يجب توجيه الجيش لمحو بلدة حوّارة". وجاء تصريح سموتريتش بعد أن أبدى إعجابه بتغريدة للمتطرف دافيدي بن تسيون على موقع "تويتر"، سُئل بعدها عن سبب إعجابه بالتغريدة؟ فأجاب: "أعتقد أنه يجب محو قرية حوارة، كما أعتقد أن على دولة إسرائيل فعل ذلك". لم يترك سموتريتش أي مجال للشك فقد كان واضحاً وقاطعاً في كلامه الذي تم تسجيله وتصويره، برأيه أن جريمة الحرب هذه والتي تتمثل بمحو قرية بأكملها، يجب أن تقوم بها الدولة وليس أي طرف أخر.

في السياق نفسه حصلت الشرطة الإسرائيلية على إذن للتحقيق مع عضو الكنيست تسفيكا فوغل من حزب "عوتسما يهوديت- القوة اليهودية"، بناءً على رأي المستشارة القانونية غالي بيهاريف ميارا، والنائب العام عميت اسمان، لقيامه بالتحريض، بعد تصريحه "أنه يريد رؤية حوّارة مغلقة وتحترق"، وأشار الى أن أعمال الشغب التي نفذها المستوطنون هي الأقوى منذ عملية السور الواقي عام 2002.

وإضافة الى فوغل وسموتريتش ما زال عدد من أعضاء الكنيست من حزب الليكود يحرّضون على حرق حوّارة، ولا يزال المستوطنون يمارسون عنفهم بكل حرية من دون أي حسيب أو رقيب، حيث وصلت اعتداءاتهم الإرهابية الى بلدات وقرى أخرى تحيط بمدينة نابلس مثل زعترة وبورين ونبع قريوت، ويبدو أنها لن تتوقف عند هذا الحد، وسط اعتقالات خجولة لا ترقى إلى خطورة الجريمة التي تم اقترافها.

دعوات السياسيين الإسرائيليين المقيتة تذكر بما جرى في قرية "ماي لاي" الفيتنامية إبان الحرب على فيتنام، بعد أن ذبح الجنود الأميركيون أهلها وأحرقوا منازلهم- كما أن بقاء سموتريتش على رأس عمله وكأن شيئاً لم يكن أصدق دليل على أن الحكومة الإسرائيلية، بل المستوى السياسي برمته يؤيده ويدعمه، ورسالته الواضحة للجيش الإسرائيلي غض النظر عما سيقوم به المستوطنون من أعمال إرهابية في المستقبل.

المصدر: "المصدر: النهار العربي"






إقرأ أيضاً

انتشار روسي في مطار الجرّاح بحلب يُجبر الميليشيات الإيرانية على إخلائه
بعد لقائه أوستن..ملك الأردن يدعو للتهدئة بالأراضي الفلسطينية

https://www.traditionrolex.com/8