https://www.traditionrolex.com/8


"السكوتر" في مصر ملجأ الجريئات الهاربات من التحرش والازدحام


On 07 January, 2023
Published By Karim Haddad
"السكوتر" في مصر ملجأ الجريئات الهاربات من التحرش والازدحام

تصاعدت أعداد النساء المصريات اللاتي يقدن "سكوتر"، في شوارع القاهرة، بصورة ملحوظة للغاية. و"السكوتر" هو نوع خفيف من الدراجات النارية (الموتوسيكلات)، يسهل تحريكه والتعامل معه بالنسبة للمرأة، كما أنه يتميز بشكل انسيابي رقيق، وأكثر جمالاً من الدراجات النارية التقليدية.

مشهد ركوب امرأة لدراجة نارية، تمر بخفة وسط السيارات المسرعة في شوارع العاصمة، لم يكن مألوفاً حتى وقت قريب، لأنه قد يعرض من تتجرأ على فعل ذلك لمضايقات ونظرات استغراب ودهشة.

ظلت تلك الدراجات حكراً على الرجال لعقود طويلة، وكان موقع النساء عليها - إذا اضطررن لركوبها - خلف السائق، يجلسن في خجل متشبثات بثياب "السائق" في قلق، لكن الأوضاع تبدلت كثيراً، في الأعوام القليلة الماضية.

ثمة العديد من العوامل  التي شجعت النساء على تلك الخطوة التي تتطلب جرأة في مواجهة المجتمع المحافظ، والتي تحتاج إلى شجاعة لركوب دراجة نارية يخشى قيادتها بعض الرجال.

 

كابتن هدير وجدي بصحبة مجموعة من سائقات الدراجات النارية

فحسب العديد من السيدات اللاتي تحدث إليهن "النهار العربي" فإن سبب لجوء معظمهن إلى هذه الوسيلة الخفيفة للتنقل، هو تجنب الزحام والتحرش الذي يتعرضن له في المواصلات العامة، وتفادياً للاختناقات المرورية، التي تشهدها بعض الشوارع في فترات الذروة.

الأعداد تتزايد

قبل نحو 3 سنوات، بدأت هدير وجدي في تعلم قيادة "السكوتر"، وكان عدد من يقدن دراجات نارية محدوداً للغاية، وفي تلك الفترة كانت سائقات "السكوتر" يتعرض لمضايقات، ونظرات استغراب خلال تحركهن في الطرقات العامة. لكن بمرور الوقت، ومع إصرارهن على حقهن في استخدام ما يرونه مناسباً لهن، بدأن يغيرن الواقع، وبدأت أخريات يتشجعن على استخدام "السكوتر".

تقول كابتن هدير التي أصبحت مدربة لقيادة الدراجات النارية، وعلمت العديد من النساء استخدامها، في حديثها لـ"النهار العربي"، إن "أعداد النساء اللاتي يقدن السكوتر، بل والموتوسيكلات في بعض الأحيان، في تزايد مستمر، لأنه وسيلة تنقل عملية، ولها العديد من المزايا، كما أن تجربة استخدام بعض النساء له يشجع الأخريات على ذلك".

 

كابتن هدير وجدي مع طفليها

وتضيف مدربة الدراجات النارية: "أتتني الفكرة في البداية حينما كنت أركب السكوتر مع إحدى صديقاتي، كنا نستخدمه في تحركاتنا، ووجدت أنه أسرع وأفضل في التنقل، فأعجبني، وقررت شراء واحد، ثم أصبح بمرور الوقت جزءاً لا يتجزأ من حياتي، فقد بت أستخدمه في التنقل، وفي توصيل أبنائي إلى المدرسة والنادي، كما أن عملي أصبح مرتبطاً به".

وعن تعامل الناس معها كامرأة تقود دراجة نارية في الشارع، تقول: "في البداية كنا نتعرض لمضايقات، ونظرات استغراب، وتعليقات سخيفة، لكننا بدأنا نخرج في مجموعات، حتى نشجع بعضنا بعضاً، وكي تعتاد أعين الناس على رؤية النساء يقدن الدراجات النارية، ويصبح الأمر معتاداً".

 

ضحى محمد على دراجتها النارية

"أسرع دليفيري"

تعد ضحى محمد إحدى القصص الملهمة، فالسيدة الشابة كانت تعمل في مجال توصيل الطلبات (دليفيري)، وتحملها على كتفها وتسير بها مسافات طويلة، لكنها بعدما اشترت "السكوتر"، تطور عملها، وبات أسهل وأسرع كثيراً.

خلال فترة وجيزة، أصبحت ضحى إحدى المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولديها صفحة تحمل اسم "أسرع دليفري في مصر" تجاوز عدد متابعيها 400 ألف مستخدم، وقت كتابة هذه السطور، وأضحت الشابة حديث وسائل الإعلام في مصر، لأنها اجتازت مجال عمل كان يقتصر على الرجال لفترة طويلة، كما أنها تقود دراجة نارية، وهو أمر لم يكن معتاداً حتى وقت قريب.

تقول ضحى لـ"النهار العربي": "كنت أعمل في مجال توصيل الطلبات منذ عام 2019، وكنت أحمل تلك الطلبات على كتفي وظهري، وأسير بها مسافات كبيرة، وأدخر لشراء سيارة، لكن الأموال التي جمعتها لم تكفِ، ووجدت تدوينات على "فايسبوك" تقول إن بعض النساء يستخدمن السكوتر في تحركاتهن، وتوصيل أبنائهن للنادي والمدرسة، فقررت أن اشتريه في شهر أيلول (سبتمبر) 2020".

تعيش الشابة في أحدى المناطق الفقيرة، وتقول: "في أول الأمر كنت أتعرض لمضايقات وسباب من الشباب في منطقتي، وأثر هذا في نفسيتي لدرجة كبيرة، فقررت أن أوقف استخدام السكوتر، لكنني بعد فترة وجدت أنني لا بد من أن أتعامل مع المشكلة وأتجاوزها، وأعود لاستخدام السكوتر لأنه يساعدني في العمل، وبالفعل بدأت في استخدامه مرة أخرى".

نظراً لطبيعة عملها، تتنقل ضحى بين الأحياء الراقية والفقيرة، وتلاحظ الفرق في نظرة الناس وتعاملها، وعن هذا تقول: "في المناطق الراقية، اعتادت أعين الناس على الفتيات اللاتي يركبن السكوتر والدراجات، لذا، فإنه نادراً ما تجد نظرة استغراب أو تعليقاً سلبياً، أما في المناطق الفقيرة والأحياء الشعبية، فبعض الناس ينظرون إليّ باستغراب ودهشة".

 

صفاء خطاب على السكوتر الخاص بها

فكرة جريئة

شعرت صفاء خطاب بالتعب من المواصلات العامة، وقبل عامين، استشارت صديقاً لها في أنها تريد شراء وسيلة مواصلات خاصة بها، فاقترح عليها أن تشتري "سكوتر".

وتقول صفاء لـ"النهار العربي": "أحب الموتوسيكلات منذ طفولتي، وحين اقترح عليّ صديقي شراء سكوتر، وجدتها فكرة جريئة، فقررت شراءه، لأنني كنت شعرت بالتعب من الزحام، والتحرش، والمضايقات في المواصلات".

وتضيف: "هناك تغير واضح في سلوكيات الناس، فأغلبهم يتعاون معي حين أتحرك بالسكوتر، البعض يفسح لي الطريق، والبعض ينظر إليّ بإعجاب ويشجعني، لكن ثمة بعض الناس تتعجب، وهناك من يضايقني، خصوصاً من يقودون موتوسيكلات صينية، لأنهم يغضبون من رؤية امرأة تقود دراجة نارية مثلهم".

 

تعشق صفاء خطاب قيادة الدرجات النارية منذ طفولتها

 

تجربة تلك النساء تؤكد أن الحقوق لا تُطلب ولكنها تنتزع، فقد استطعن خلال عامين أو ثلاثة على الأكثر، في إحداث تغيير جذري في نظرة الكثير من مواطنيهن، وبدأن في تشجيع أخريات على ممارسة حقوقهن، والاستفادة من وسيلة مواصلات اقتصادية، وسهلة، تحميهن من المضايقات، والتحرش، وتوفر لبعضهن عملاً حراً، ودخلاً معقولاً.

المصدر: "النهار العربي القاهرة - ياسر خليل"






إقرأ أيضاً

بملامح المأساة... جورج وسوف يتلقى العزاء بنجله وديع بحضور الفنانين
بعد وفاة نجل جورج وسوف.. أسئلة عن وضع الخدمات الطبية

https://www.traditionrolex.com/8