https://www.traditionrolex.com/8


"كوب 27" متخم بالملفات العالقة... خبير مصري يشرح لـ"النهار العربي" أبرز تحدياته


On 07 November, 2022
Published By Tony Ghantous
"كوب 27" متخم بالملفات العالقة... خبير مصري يشرح لـ"النهار العربي" أبرز تحدياته

عام 1995، انطلق قطار مؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي، الذي يعرف اختصاراً بـ"مؤتمر الأطراف" أو "كوب"، إذ عُقدت النسخة الأولى من المؤتمر الدولي في العاصمة الألمانية برلين، وانطلقت الأحد، النسخة الرقم 27 من الفعالية الدولية، بمدينة شرم الشيخ المطلة على سواحل البحر الأحمر، شرقي مصر.

ولد مؤتمر التغير المناخي بالأساس من رحم قمة الأرض، التي نظمتها الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1992، حيث تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وتم إنشاء وكالتها التنسيقية، ما نعرفه الآن باسم أمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ.

في هذه المعاهدة، وافقت الدول على "تثبيت استقرار تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي لمنع التدخل الخطير من النشاط البشري في نظام المناخ"، وقد وقع عليها حتى الآن 197 طرفاً مختلفاً، ومنذ دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ عام 1994، نظّمت الأمم المتحدة مؤتمرات القمة العالمية للمناخ سنوياً.

ومن بين أبرز مخرجات القمم المناخية، بروتوكول "كيوتو" في عام 1997، و"اتفاق باريس" الذي اعتمد في عام 2015، حيث وافقت جميع دول العالم على تكثيف الجهود من أجل محاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل الصناعة، وتعزيز تمويل العمل المناخي.

كوب 27 

استمر التفاوض خلال الأعوام الماضية، حتى وصلنا إلى محطة كوب 26، التي عقدت العام الماضي في غلاسكو بالمملكة المتحدة، وأفضت إلى عدد من التعهدات، لم يلتزم بها سوى 23 دولة فقط، قدمت خططها إلى الأمم المتحدة حتى الآن.

من غلاسكو انطلق القطار نحو مدينة شرم الشيخ، محملاً بعديد من القضايا والملفات، حيث ينعقد هذا العام مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 27)، في الفترة من 6 حتى 18 نوفمبر الجاري، ووفقاً لبيان الرؤية الرئاسية، فإن "كوب 27" سيدور حول الانتقال "من المفاوضات والتخطيط إلى التنفيذ" لكل هذه الوعود والتعهدات التي قُدّمت.

"النهار العربي" تحدث إلى الدكتور سمير طنطاوي، خبير التغيرات المناخية، وعضو الهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية (IPCC)، ومدير مشروع الإبلاغ الوطني الرابع للتغيرات المناخية، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة البيئة المصرية، الذي كشف بدوره أهم الملفات المطروحة على طاولة التفاوض هذا العام، فضلاً عن الملفات العالقة من القمم السابقة.

 

الخبير في التغيرات المناخية الدكتور سمير طنطاوي

 

يقول طنطاوي إنّ "المؤتمر الحالي يأتي بعد 26 جولة من التفاوض، والوعود والقرارات التي لم ينفذ معظمها، وبالتالي نشهد التدهور المنعكس في الظواهر السلبية للتغيرات المناخية التي أصبحت تضرب كل مكان تقريباً، ولم يعد ثمة أحد بعيداً من المخاطر، سواء الدول الفقيرة أو الغنية".

وأضاف: "تكمن أهمية الدورة الحالية، في أنها أول جولة بعد اعتماد اللائحة التنفيذية لاتفاق باريس، التي تشتمل على الإجراءات والتدابير الخاصة بتنفيذ الاتفاق، فقد تمت مناقشة جميع الجوانب، ولم يتبق سوى التنفيذ، لذا فهذه الدورة والدورات التي تليها ينظر إليها باعتبارها جولات تنفيذية".

ملفّات عالقة

يرصد عضو (IPCC) أهم الملفات العالقة منذ كوب 26، فيشير إلى قضية تمويل صندوق المناخ، ثم ملف الخسائر والأضرار، الذي يشغل الدول النامية بالأساس، إضافة إلى التوصل إلى هدف عالمي للتكيف، مثلما هي الحال مع وجود هدف عالمي للتخفيف من آثار التغيرات المناخية.

ويستكمل: "ثمة ملفات عالقة من مؤتمرات أخرى أيضاً، منها: نقل التكنولوجيا بأسرارها المعرفية إلى الدول النامية، للتعامل مع قضية التغير المناخي بشقيها: التخفيف، والتكيف، كما يأتي على رأس هذه الملفات الالتزام بخفض الانبعاثات التي ارتفعت في الغلاف الجوي إلى 421 جزءاً في المليون، وهي زيادة مضطردة ولا تتوقف، ما يعني أن البشرية تسير في الاتجاه الخاطئ".

ويقول طنطاوي إن قضية خفض الانبعاثات باتت من أهم القضايا التي يلزم التعامل معها بجدية، فبحسب العلم، يجب خفض الانبعاثات بنسبة تراوح بين 40 إلى 45 في المئة بحلول 2030، بحيث تصل هذه النسبة إلى 100 بالمئة عام 2050، وهو ما يعرف بـ"الحياد الكربوني"، أو "صافي انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون صفريّ"، لكن استمرار البشرية في المضي بالطريق نفسه، يصعّب من مهمة تحقيق هذا المطلب.

 

تسير البشرية في الطريق الخطأ وتعمل من خلال المؤتمر على تصحيح المسار

آمال الدّول النّامية

يرى طنطاوي أنّ الدول النامية تعقد آمالاً على تحقيق نتائج إيجابية في بعض الملفات المطروحة على طاولة نقاشات كوب 27، وأهمها قضايا التمويل، والوصول إلى هدف عالمي للتكيف، إلى جانب "الخسائر والأضرار"، لافتاً إلى أن الدول الصناعية لديها نظرة مختلفة.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فإنّ قضية الخسائر والأضرار هي إحدى القضايا المناخية التي يتسبب فيها تغير المناخ، من خلال الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الأعاصير المدارية، والتصحر، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتتسبب في أضرار مكلفة للبلدان.

ولأن اشتداد هذه "الكوارث الطبيعية" ناتج من زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومعظمها من البلدان الصناعية الغنية، فإن البلدان النامية - الأكثر تضرراً في كثير من الأحيان – تجزم بضرورة حصولها على تعويضات.

ويشير الخبير المصري إلى أنّ "الخسائر والأضرار، قضية شائكة ومعلقة، ولم تصل إلى نتائج ملموسة في المفاوضات حتى الآن، فالدول الصناعية ترفض مبدأ مناقشة القضية من الأصل، لأن مجرد المناقشة، يعدّ بمثابة اعتراف بالمسؤولية التاريخية عن التسبب في أزمة التغيرات المناخية، وبالتالي يحق للدول المتضررة طلب تعويضات من الدول الصناعية".

 وعن شكل التعويضات التي تطالب بها الدول النامية، فيقول "إنها تتمثل في توفير تمويل من الدول الصناعية يكفي لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، أو يتم صرف التعويضات في شكل إسقاط الديون المستحقة للدول الصناعية من الدول النامية المتضررة من جراء أزمة التغير المناخي، كما يمكن تبنّي برامج مساعدات كبيرة كالتي تقوم بها المنظمات الدولية".

 يعرج طنطاوي إلى قضية تمويل صندوق المناخ، حيث ألزمت الدول الصناعية نفسها في كوبنهاغن عام 2009، بدفع 100 مليار دولار كل عام لمواجهة التغيرات المناخية، ولم يتم الوفاء بهذا المبلغ، وبالتالي باتت حصيلة الصندوق غير كافية لتمويل مشروعات التخفيف والتكيف تكيفاً جغرافياً عادلاً ومتوازناً، في الدول النامية.

 ويستطرد: "محدودية الموارد المتاحة في صندوق المناخ، جعلت الحصول على تمويل من خلاله مسألة في غاية العسر، فالمصاعب تتمثل في إعداد الدراسات والوثائق التي يتطلبها الحصول على التمويل، ما يستلزم اللجوء إلى مكاتب استشارية كبيرة لديها خبرة واسعة، ومعظم الدول النامية ليس لديها الخبرة الكافية في هذا المضمار".

 

إحدى اللافتات تحمل اسم المؤتمر في مدينة شرم الشيخ المصرية

توقّعات بالتّعثر والتّقدم

يأتي "كوب 27" في سياق اضطرابات وتحديات عالمية كبيرة، مثل الأزمة الأوكرانية - الروسية، والتوترات الصينية - الأميركية، فضلاً عن الركود الاقتصادي وما يتبعه من أزمات غذاء وطاقة. هذه الاضطرابات ستعيق تحقيق تقدم كبير في ملف تمويل صندوق المناخ بالشكل الذي يرضي تطلعات الدول النامية، بحسب ما يرى عضو الهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية (IPCC).

في المقابل، يعدّ تحديد هدف عالمي للتكيف، من بين القضايا التي قد تحرز تقدماً كبيراً في "كوب 27"، وهو الأمر الذي تطالب به الدول النامية منذ فترة طويلة، فيقول طنطاوي: "قد يتم الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل تناقش القضية، وهذا الإجراء في حد ذاته يعتبر موافقة ضمنية من قبل طرفي التفاوض على المضي في هذا الأمر، وهو ما قد يفتح الباب واسعاً أمام تحقيق نجاح في ملف تحديد هدف عالمي للتكيّف".

 

تشكل انبعاثات الكربون من المصانع عاملاً يؤثر سلباً على الكوكب

منافع مصريّة

وعن التجربة المصرية في استضافة المؤتمر، يرى طنطاوي أنّ مصر على موعد مع جني مكاسب كبيرة من وراء تنظيم "كوب 27" على أراضيها، يأتي على رأسها تحقيق مكسب سياسي بقيادة العمل المناخي العالمي خلال هذه الفترة، وهو ما يعطي زخماً سياسياً كبيراً للدولة المصرية.

ويضيف: "كل الدول والتكتلات العاملة في إطار المناخ ستكون حريصة على التواصل مع رئاسة المؤتمر التي تمثلها مصر، لضمان وصول صوتها وتحقيق أهدافها وأغراضها من المؤتمر، وبالتالي هناك تنسيق شبه يومي مع السلطات المصرية، قبل الانعقاد وأثناءه وبعده، إذ تبدأ رئاسة المؤتمر من شهر حزيران (يونيو) 2022، وتستمر حتى حزيران (يونيو) 2023، لحين تسليم الرئاسة لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تستضيف المؤتمر المقبل".

ثمة مكاسب اقتصادية أيضاً، تتمثل في ترويج سياحي استثنائي بين عدد كبير من الحضور يصل إلى 40 ألف مشارك من كل دول العالم، فضلاً عن مشاركة نحو 100 رئيس دولة وحكومة.

فرصة أخرى، تتمثل في الترويج الإعلامي الدولي الكبير لمصر، على مستوى جهودها في قضية التغير المناخي، والمبادرات التي تدشنها داخلياً، إلى جانب الاستفادة من تنظيم المؤتمر في رفع الوعي المحلي بقضية التغير المناخي، إذ يشارك الجميع، من جامعات ومراكز الفكر ومؤسسات حكومية ومجتمع مدني في ملف العمل المناخي، وهو المكسب الأهم الذي يأمل طنطاوي استمراره بعد انتهاء المؤتمر.

المصدر: النهار العربي

القاهرة - عبدالحليم حفينة

المصدر: "المصدر: النهار العربي"






إقرأ أيضاً

تحطّم مقاتلة "أف-15" سعودية أثناء مهمة تدريبية... ما مصير طاقمها؟
بالقرب من برج خليفة... اندلاع حريق في مبنى من 35 طابقاً في دبي

https://www.traditionrolex.com/8