https://www.traditionrolex.com/8


الحملة الأمنية "الملتبسة" على "داعش" في درعا تُدخل المدينة في متاهات معقدة


On 04 November, 2022
Published By Tony Ghantous
الحملة الأمنية "الملتبسة" على "داعش" في درعا تُدخل المدينة في متاهات معقدة

تمددت الحملات الأمنية في درعا جنوب سوريا، وانتقلت في غضون أشهر قليلة من بلدتي طفس وجاسم إلى اليادودة ثم إلى درعا البلد، حي طريق السد، وكان وجود تنظيم "داعش" هو الذريعة الأساسية التي انطلقت هذه الحملات على أساسها.

 

ووسط تبادل الاتهامات بين أطراف مختلفة حول المسؤول عن الحملات الأمنية من جهة، والمسؤول عن احتضان خلايا "داعش" والسماح لها بحرية النشاط والعمل في بيئة معقدة أمنياً وسياسياً، من جهة ثانية، بدا المشهد في درعا ملتبساً وغامضاً في ظل مخاوف بدأ يعبّر عنها بعض المراقبين من أن تؤدي الاشتباكات المتنقلة إلى إثارة اقتتال عشائري.

 

واصطدمت الحملة الأخيرة في درعا البلد بحدة الاشتباكات وما أثارته من مخاوف على المدنيين الآمنين، فتوقفت ريثما يتم إجلاء هؤلاء إلى مناطق بعيدة من ساحة الاقتتال. غير أن البعض يشير إلى أن السبب الحقيقي وراء صعوبة المشهد في درعا البلد يعود، في الواقع، إلى الانقسام بين عشائر المنطقة بين فئة محسوبة على التسوية وبالتالي على فرع الأمن العسكري بقيادة العميد لؤي العلي، وأخرى باعتبارها تمثل حاضنة شعبية لخلايا تنظيم "داعش" أو للمجموعات المسلحة الأخرى الرافضة لاتفاق التسوية عام 2018.

 

وفي حين سارت الحملة الأمنية في بلدة جاسم، قبل أسابيع قليلة، بسلاسة نسبيةٍ حيث لم تظهر بوادر انقسام أو اختلاف على ضرورة اجتثاث خلايا التنظيم الإرهابي وطرد من تبقى منها خارج المنطقة، لم يمنع ذلك من بروز خلافات عميقة حول تبني المسؤولية عن قيادة الحملة الأمنية والجهة التي تقف وراءها. وسارعت روسيا في بداية الحملة إلى إبراز دورها فيها من خلال تبني القصف الذي أودى بحياة ما يقارب 20 مسلحاً، من بينهم مسؤولون عن تفجير الحافلة في مدينة صبورة في ريف دمشق.

 

ولم يصدر بيان رسمي من قيادة الجيش السوري حول هذه الحملة، ولكن كان من الواضح من خلال الصحف المقربة من السلطة في دمشق أنها تعتبر الجيش السوري والأجهزة الأمنية ضالعة في هذه الحملة.

 

غير أن المجموعات المحلية، وهي مجموعات مسلحة تخضع لاتفاق التسوية ولكنها ترفض حضور قوات الجيش والأمن في مناطقها، سارعت إلى نفي وجود أي دور لروسيا أو دمشق في القيام بالحملة الأمنية، بل أكثر من ذلك حاولت بعض هذه المجموعات تقديم أدلة تثبت ضلوع فرع الأمن العسكري في درعا في تسهيل نشاط خلايا "داعش"، وقد بثت بعض المواقع المحسوبة على هذه المجموعات تسجيلاً مصوراً أدلى به قيادي في "داعش" باعترافات حول تلقيه أوامر من فرع الأمن العسكري لتنفيذ عدد من عمليات الاغتيال.

 

 ولكن ما أضعف من قوة هذا الدليل أن الاعترافات الواردة فيه كانت متناقضة لأن صاحب الاعترافات أقرّ بأن أول أمر تلقاه كان بالعمل على "عبدالرحمن العراقي" الذي يعتبر رأس "داعش" في المنطقة، والذي لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان قد قتل أم لا، رغم أن كلا الطرفين تبنى المسؤولية عن قتله خلال أسبوع واحد في حادثتين منفصلتين. وعلى فرض أن صاحب الاعتراف (الصلخدي) كان يتعامل مع فرع الأمن العسكري، فإن الطلب منه اغتيال زعيم "داعش" في درعا، عبدالرحمن العراقي، من شأنه أن يؤكد أن قائمة الاغتيالات لا تستثني قادة "داعش"، وهو ما يدحض السردية المتداولة حول وجود اتفاق مسبق لتقوية نشاط "داعش" في المنطقة.

 

وما عزز من هذه الشكوك أن جثة الصلخدي وجدت في الشارع بعد ساعات من الإدلاء باعترافاته، وهو ما استدعى تساؤلات كثيرة، أهمها: لماذا تقوم أي جهة بالتخلص من الشاهد الوحيد على العلاقة بين فرع الأمن العسكري وتنظيم "داعش"؟ وقد جعلت هذه المفارقة بعض المراقبين ينظرون بعين الشك إلى الاعترافات المنسوبة إلى القتيل ولا يأخذونها بجدية، معتبرين أن وراء الأكمة ما وراءها.

 

ويتخوف معارضون للنظام السوري من أن يكون ثمة مخطط معقد لتصفية كل المجموعات الرافضة لاتفاق التسوية، وأن تنظيم "داعش" ليس سوى ذريعة لتنفيذ هذا المخطط من دون أن يثير اعتراضات شعبية ضده.

 

ولم يكن الأمر واضحاً في بلدة جاسم لأن غالبية الأسماء والشخصيات المطلوب التخلص منها كانت تحمل جنسيات أجنبية، عراقية ولبنانية في معظمها، وقد ساهم ذلك في تسهيل الحملة الأمنية التي شهدتها جاسم رغم اشتراك مجموعات محسوبة على الأمن العسكري فيها مثل "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة.

 

غير أنه مع انتقال الحملة إلى درعا البلد التي كانت تعيش خلال الشهور الماضية على وقع خلافات عشائرية عميقة أسفرت عن استقالة اللجنة المركزية المسؤولة عن التفاوض مع الأجهزة الأمنية السورية، بدت الأمور مختلفة اختلافاً جذرياً وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن المطلوبين في هذه الحملة ليسوا أغراباً من حملة جنسيات أجنبية، بل هم من أبناء البلد، والبعض منهم كان قيادياً سابقاً في "الجيش الحر" مثل مؤيد حرفوش الملقب بـ "أبو طعجة" ومحمد المسالمة المعروف بلقب "هفو". 

 

والسبب الثاني أن بعض المجموعات المسلحة المحلية المحسوبة على التسوية تنتمي إلى عشيرة ابازيد التي تعرضت إحدى مضافاتها لتفجير غامض وجهت أصابع الاتهام فيه إلى انتحاري من "داعش"، بينما ينتمي بعض المطلوبين إلى عشيرة المسالمة الكبيرة وصاحبة النفوذ في درعا، وبالتالي فإن الاصطدام بين الجانبين أصبح يهدد باحتمال نشوب نزاع عشائري بينهما.

 

وقد حاول كل طرف أن يستغل تعقيد المشهد وضبابيته من أجل تعزيز سرديته الخاصة، فذهب الطرف الرافض للتسوية والمحسوب على "داعش"، إلى تأكيد وجود خطة تهدف إلى التخلص من حواضن الثورة ضد النظام السوري تحت ذريعة احتضانها تنظيم "داعش"، بينما ذهب الفريق الآخر إلى أن احتضان الفريق الأول خلايا محسوبة على "داعش" من شأنه أن يؤدي إلى إعطاء ترخيص لقوات الجيش السوري وأجهزته الأمنية لاقتحام المنطقة والسيطرة عليها. 

 

وبين هذا وذاك، يبدو أن المشهد في درعا يذهب نحو التصعيد، وقد ينتقل من الصراع ضد خلايا "داعش" إلى إثارة صراعات جانبية بين بعض العشائر وهو ما سيكون من شأنه أن يُدخل محافظة درعا في دوامة قد يكون من الصعب الخروج منها في القريب العاجل.

المصدر: دمشق - النهار العربي

المصدر: "المصدر: النهار العربي"






إقرأ أيضاً

نتنياهو هدّد بنَسف اتفاق الترسيم البحري.. هل يُقدِم!
وفاة نائب مرشد جماعة "الإخوان" إبراهيم منير

https://www.traditionrolex.com/8