https://www.traditionrolex.com/8


حرب أوكرانيا تسرّع مشروع جرّ الكهرباء النّظيفة من تونس إلى أوروبا


On 24 October, 2022
Published By Tony Ghantous
حرب أوكرانيا تسرّع مشروع جرّ الكهرباء النّظيفة من تونس إلى أوروبا

تقدمت تونس أخيراً بطلب إلى الاتحاد الأوروبي للحصول على هبة قدرها 800 مليون يورو لربط الكهرباء مع إيطاليا من خلال مضيق صقلية، أو مضيق الوطن القبلي، كما يسميه البعض نسبة إلى شبه جزيرة الوطن القبلي التونسية المتاخمة للأراضي الإيطالية. وهذا المضيق، كما هو معلوم، هو همزة الوصل بين شرق المتوسط وغربه، ويستأثر بنسبة هامة ومعتبرة من حركة الملاحة العالمية، باعتباره في منتصف الطريق بين مضيق جبل طارق وقناة السويس، الرابطين بين المحيط الهندي والمحيط الأطلسي، أي بين غرب أوروبا وشرق آسيا الصناعيين.

 

كما أن هذا المضيق هو الذي يختصر الطريق على الغاز الجزائري باتجاه إيطاليا والقارة الأوروبية، عبر أنبوب يمر من الأراضي التونسية وتأخذ بموجبه تونس نصيباً من هذا الغاز. وستزيد أهمية مضيق صقلية مع الربط الكهربائي الذي سيحصل بين تونس وإيطاليا، والذي هو في حقيقة الأمر ربط بين القارة السمراء والقارة العجوز الراغبة في التخلص من الهيمنة الطاقية الروسية. ويؤكد هذا المشروع أن تونس هي فعلاً بوابة أفريقيا وهمزة الوصل بين الشمال والجنوب بسبب موقعها الإستراتيجي الذي ما زالت لم تستغله إلى اليوم الاستغلال الأمثل لتحقيق التنمية المنشودة.

 

شبكة أورو متوسطيّة

وللإشارة، فإن هذا المشروع الذي منح البنك الدولي تونس في 13 أيلول (سبتمبر) 2018 هبة قدرها 12.5 مليون دولار لتمويل الدراسات الفنية المتعلقة به، سينتهي إنجازه على الأرجح سنة 2027، وسيمكن من ربط كهربائي تحت البحر تنقل بموجبه الطاقة الكهربائية المنتجة في تونس من الطاقة الشمسية نحو أوروبا. كما أن هذا المشروع هو جزء من شبكة كهربائية أورومتوسطية ويندرج ضمن قائمة مشاريع ذات اهتمام مشترك بين الاتحاد الأوروبي وبلدان شمال أفريقيا تم الاتفاق عليها في وقت سابق. 

 

إن الجغرافيا والموقع الإستراتيجي يصنعان من جديد تاريخ قرطاج التي ستكون مع روما عدوّتها التاريخية في الماضي السحيق همزة الوصل الطاقي بين ضفتي المتوسط. فالطاقة النظيفة التي ستنتجها البلدان الأفريقية بمشاريع واستثمارات أوروبية ستصدر إلى أوروبا عبر الأراضي التونسية التي تعتبر أعلى نقطة في القارة الأفريقية والأقرب إلى وسط أوروبا. ويبدو أن إيطاليا لن تنتفع وحدها بهذه الطاقة، بل سيطال الأمر سويسرا وألمانيا وفرنسا وغيرها ممن هي بحاجة ماسة إلى هذه الطاقة النظيفة المستخرجة من الشمس الملتهبة في شمال أفريقيا. 

 

إنجاز تونسي 

وفي هذا الإطار، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي التونسي المختص في الشؤون الأوروبية مختار التليلي، في حديث إلى "النهار العربي"، أن حدثاً مثل هذا يجب ألا يمر مرور الكرام، ويجب أن يحظى بالتغطية اللازمة واهتمام وسائل الإعلام. كما يجب الدفع باتجاه التسريع في إنجاز هذا المشروع الإستراتيجي الهام الذي سيحفّز الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة، ويزيد من الإقبال عليها في تونس، وتتحرك قليلاً عجلة الاقتصاد الراكدة منذ أكثر من عشرية.

 

ويضيف التليلي قائلاً: "يبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية قد عجلت بتوجه العالم، وخصوصاً الأوروبيين الذين يعتمدون كثيراً على الغاز الروسي، نحو الطاقات البديلة، فكانت منطقة شمال أفريقيا هي ملاذهم باعتبار توفر كل الظروف الطبيعية الملائمة للتزود بهذه الطاقة. ومن جهتها، فقد تحيّنت تونس الفرصة للتسريع في نسق إنجاز بعض المشاريع المعطلة مع الجانب الأوروبي، ومن ذلك مشروع الربط الكهربائي مع إيطاليا والقارة الأوروبية، والذي سيكون بتمويل من الاتحاد الأوروبي، فيما ستتكفل تونس بالإنجاز، وهو ما يفسر طلب تونس للهبة عوض القرض".

 

ويرى التليلي أن هذا المشروع جاء في الوقت المناسب وسيدفع بالتونسيين إلى مزيد العمل والاجتهاد في مجال الطاقات النظيفة والمتجددة، لأن وجود تونس في موقع قريب من الأمم الكبرى يجعلها تنخرط في التحولات التي تحصل في العالم، حتى وإن لم تكن هناك رغبة لدى أصحاب القرار. لذلك يجوز للتونسيين اليوم أن يشكروا الموقع الإستراتيجي الهام والجغرافيا التي تساهم مجدداً في صنع تاريخ هذا البلد وجعله محط أنظار محيطه مثلما كان على الدوام. 

المصدر: النهار العربي

روعة قاسم

المصدر: "المصدر: النهار العربي"






إقرأ أيضاً

الديوان الملكي السعودي يكشف سبب غياب ولي العهد عن قمة الجزائر
انتهاء هجوم الإسلاميين على فندق في الصومال ومقتل المهاجمين الثلاثة

https://www.traditionrolex.com/8