https://www.traditionrolex.com/8


حلف العصابات والميليشيات بلا رادع... مجزرة صبراتة تبرز أزمة تهريب البشر في ليبيا


On 13 October, 2022
Published By Tony Ghantous
حلف العصابات والميليشيات بلا رادع... مجزرة صبراتة تبرز أزمة تهريب البشر في ليبيا

فاحت رائحة الموت على شاطئ مدينة صبراتة (غرب ليبيا)، بعد احتراق مركب هجرة غير شرعية في عرض البحر. وأثار الحادث الذي وقع على أثر مواجهات مسلحة بين مجموعتين من مهربي البشر، وراح ضحيته 15 شخصاً، صدمة محلية ودولية وفتح الباب على مصراعيه أمام الحديث مجدداً عن ملف عصابات التهريب التي وسعت نشاطها في البلاد من دون رادع.

 

وخلال الأشهر الأخيرة، كثفت عصابات تهريب البشر نشاطها، مستغلة حالة الانفلات الأمني في غرب ليبيا وجنوبها، وباتت تمتلك شبكات اتصال وتنسيق مع قريناتها في دول الجوار، وفقاً لمصدر أمني ليبي تحدث إلى "النهار العربي". ولفت المصدر إلى أن ضبابية المشهد في البلاد والصراع السياسي المحتدم يساهمان في إقبال الشباب على الهجرة إلى أوروبا أملاً في مستقبل أفضل. وأضاف: "بعضهم باع ما يمتلك من أجل رحلة غير آمنة، تنتهي به في معظم الأحوال إلى قاع البحر". 

 

وكانت جمعية الهلال الأحمر الليبي قد انتشلت 15 جثة لمهاجرين غير نظاميين، معظمها متفحم، مساء الجمعة قبالة سواحل مدينة صبراتة التي يُنظر إليها كونها مركزاً رئيسياً لتهريب البشر عبر ساحل المتوسط.

 

مجزرة القارب

وأوضحت الجمعية، في بيان، أنه بناءً على بلاغ من السلطات المحلية بوجود قارب على متنه جثث متفحمة وجثث أخرى بالقرب منه، انتقل المتطوعون إلى المكان وانتشلوها ووضعوها في ثلاجة المستشفى لاستكمال بقية الإجراءات القانونية، فيما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر أمني في صبراتة لم تسمه قوله، إن المهاجرين حوصروا بين نيران مجموعتين مسلحتين من مهربي البشر ولم يستطيعوا الهرب، ما أدى إلى احتراق القارب الذي كان يحملهم ووفاتهم جميعاً.

 

لكن وسائل إعلام محلية ذكرت أن ركاب القارب - ومعظمهم من الأفارقة - قتلوا ليل الخميس بإطلاق نار بعد مشادة بين المهربين، ثمّ أضرمت إحدى مجموعات المهربين القارب الجمعة. وأعربت لجنة الإنقاذ الدولية عن صدمتها من وقوع المزيد من القتلى بسبب أعمال العنف في شواطئ ليبيا، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى التحرك لإيجاد طرق آمنة ومنتظمة لحماية المهاجرين. 

 

 

وشدد مصدر أمني ليبي على حاجة بلاده إلى تعاون دولي في مواجهة عصابات التهريب. وقال لـ"النهار العربي": "هذه المجموعات تنتشر على طول البلاد شمالاً وجنوباً، وباتت على تواصل وتنسيق مع نظرائها في دول الجوار"، موضحاً أن رحلات التهريب تضم ليبيين بالإضافة إلى أفارقة قادمين من الجنوب، وفي أحيان كثيرة تلتقي تلك الأفواج عند الساحل بجموعات أخرى قادمة من دول الجوار الشرق والغرب.

 

دعم لمراقبة الحدود

ولفت المصدر أيضاً إلى صلات باتت تجمع مهربي البشر بعصابات الجريمة والميليشيات التي تحصل على مقابل مادي مقابل غض الطرف عن رحلات الهجرة غير الشرعية، وفي أحيان كثيرة تأمينها. وشدد على حاجة ليبيا إلى معدات وتقنيات حديثة لمراقبة حدودها، وكذلك تعاون دولي وإقليمي في هذا الإطار. 

 

ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة تم اعتراض 14157 مهاجراً وإعادتهم إلى ليبيا منذ مطلع العام الجاري. وقالت المنظمة في تقرير أخير لها إن ما لا يقل عن 216 شخصاً لقوا حتفهم أثناء محاولتهم العبور، فيما لا يزال 724 شخصاً مفقودين ويُرجح أنهم توفوا.

 

إلى ذلك، استنكر المجلس البلدي في صبراتة ومجلس حكماء وأعيان ومؤسسات المجتمع المدني وأهالي المدينة ما وصفوه بـ"الجريمة البشعة" التي وقعت بحق عدد من المهاجرين واللاجئين الذين وقعوا ضحايا لشبكات التهريب. وقال المجلس في بيان إن ما حدث "ينم عن سلوك إجرامي محرّم دينياً وقانونياً وأخلاقياً، ويجب التصدي له بكل قوة من الجهات المختصة بمكافحة الجريمة والتهريب، وهو فعل مشين يستحق الإدانة وملاحقة فاعليه".

وأكد أهالي صبراتة أنهم "ضحايا هذه الأفعال والمجموعات والشبكات الدولية التي تستهدف الإنسان وكرامته وحياته"، ودعوا كل الجهات الأمنية إلى تحمل مسؤولياتها وملاحقة الخارجين على القانون.

 

 

وفي أول تعليق له، وصف نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني حادث صبراتة بـ"المصاب الجلل والجريمة البشعة بسبب صراع بعض المجرمين والخارجين على القانون، والذين يجب إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة"، داعياً رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" ووزير داخليته ورئيس الاستخبارات وقائد المنطقة العسكرية في الساحل، إلى "عقد اجتماع عاجل لتسمية هؤلاء المجرمين وتحديد هويتهم وملاحقتهم وتقديمهم للعدالة وإنزال أقصى العقوبات بهم"، متعهداً "عدم التسامح مع هؤلاء المجرمين"، لكنه حمل في الوقت نفسه على الإجراءات التي وصفها بـ"المتراخية" التي تتخدها الدول المتاخمة للحدود الجنوبية لليبيا.

 

وقال: "نحمّل تلك الدول المسؤولية ونطالبها بغلق حدودها والكف عن إرسال المهاجرين بأعداد هائلة من دون أوراق ثبوتية، وتسببها بأزمات داخل ليبيا، سواء أكانت بنقل الأمراض أم القيام ببعض الأعمال الإجرامية من أجل العبور إلى أوروبا"، داعياً المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي إلى "توفير الإمكانات المتعلقة بتدريب حرس للحدود الصحراوية ودعمنا بالتقنيات الحديثة لتأمين الحدود لنتمكن من حماية أراضينا أولاً، ثم لتخفيف الهجرة والحد من هذه الجرائم المروّعة". كما طالب بعقد اجتماع دولي أوروبي أفريقي أو بمشاركة دول الجوار؛ لوضع استراتيجية حقيقية قابلة للتنفيذ بعلاجات جذرية وناجحة لهذه المشكلة.

 

المحاسبة

ودخل مجلس النواب الليبي على خط الحادث، وطالبت رئيس اللجنة الوطنية لرسم سياسات الهجرة في المجلس النائبة ربيعة أبو راس بـ"تحرك عاجل لمحاسبة المسؤولين عن حادث صبراتة الوحشي"، كما دعت في بيان، مكتب النائب العام إلى "تحريك دعوى جنائية فوراً والكشف عن المتسببين في تلك الجريمة البشعة التي لا تمثل أخلاق الشعب الليبي، ولا تمت بأي صلة للإنسانية ولا الأعراف ولا القوانين المحلية والدولية"، وشددت على ضرورة تكثيف جهود الحد من ظاهرة تهريب البشر.

 

وحضت الشركاء الدوليين وأبرزهم الاتحادان الأفريقي والأوروبي على التعاون مع السلطات الليبية في مراقبة الحدود المشتركة البرية والبحرية، ومحاربة عصابات تهريب البشر في أفريقيا وليبيا وأوروبا.

 

واعتبر المرشح الرئاسي السابق فضيل الأمين، أن مقتل 15 مهاجراً في صبراتة إشارة إلى خطر تهريب المجرمين الذين يستفيدون من الإتجار بالبشر. وقال في تغريدة على موقع "تويتر": "المشهد المروع لضحايا قارب اللاجئين يتحدث عن خطر تهريب المجرمين الذين يستفيدون من الإتجار بالبشر، وعدم الاستقرار الذي لا يمكن الدفاع عنه... المشهد المروع يتحدث أيضاً عن غياب القانون والنظام في ليبيا... حان الوقت لإنهاء الانقسام وإعلان حكومة واحدة معترف بها توحد ليبيا".

 

تنديد دولي

أما على صعيد ردود الفعل الدولية، فقد نددت بعثة الأمم المتحدة، عبر حسابها على "تويتر"، بشدة بـ"عملية القتل الشنيعة". ودعت السلطات الليبية إلى ضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وشفاف لتقديم جميع الجناة إلى العدالة. وأكدت أن هذا الهجوم هو تذكير صارخ بضعف الحماية الذي يواجهه المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها شبكات تهريب قوية وشبكات إجرامية تحتاج إلى وقف سريع ومقاضاة.

 

كما دانت الولايات المتحدة حادث صبراتة. ودعت السفارة الأميركية السلطات الليبية إلى "التحقيق بسرعة في هذا الهجوم المروع ومحاكمة المجرمين المتورطين". كما طالبت بتكثيف الجهود لمكافحة الإتجار بالبشر إلى أقصى حد.

 

وبالمثل، قالت سفيرة بريطانيا لدى ليبيا كارولين هورندال إن بلادها "تؤيد بيان بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا بشأن مقتل 15 من المهاجرين، ويجب التحقيق في هذا الحدث البغيض وتقديم الجناة إلى العدالة"، مشددة على ضرورة تفكيك الشبكات الإجرامية التي تستغل المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا.

 

كما طالب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي ساباديل جوزيه بإجراء "تحقيق سريع ومستقل وشفاف لتقديم جميع الجناة المتسببين في كارثة صبراتة إلى العدالة". 

 

المصدر: "المصدر: النهار العربي"






إقرأ أيضاً

أدنوك للحفر تحصل على عقد بقيمة 980 مليون دولار لاستئجار حفارات بحرية
أموال هائلة في خزائن العراق.. هل ينجح في استثمارها؟

https://www.traditionrolex.com/8