https://www.traditionrolex.com/8


"فاتن أمل حربي" يطرح قضايا المطلقات ويثير جدلاً على السوشيال ميديا


On 11 April, 2022
Published By Tony Ghantous
"فاتن أمل حربي" يطرح قضايا المطلقات ويثير جدلاً على السوشيال ميديا

يلقي مسلسل "فاتن أمل حربي"، الذي يعرض خلال شهر رمضان الجاري، الضوء على مشكلات المرأة المطلقة، متناولاً قصة أمل الموظفة بالشهر العقاري، التي يعاملها زوجها سيف بقسوة، فضلاً عن غيرته الشديدة وغير المبررة، فتقرر الطلاق لتجد نفسها في مواجهة مشكلات كثيرة، إضافة إلى مسؤولية تربية ابنتيها بمفردها.

المسلسل من تأليف الكاتب إبراهيم عيسى، الذي يطرح معاناة المرأة المطلقة في رحلة البحث عن حقوقها وحقوق أطفالها المهدرة،  محاولاً الاقتراب من الواقع وملامسته مرتكزاً إلى وقائع حقيقية. ويناقش من خلال عمله هذا قضايا مهمة من بينها الولاية التعليمية والنفقة وحضانة الأطفال، فضلاً عن التطرق لقضايا وظواهر مجتمعية عدة مثل جمود الفتاوى وأشكال التدين الزائف.

 

بين النكد والصلابة

دائما ما ينعت رواد مواقع التواصل الاجتماعي يللي كريم بالنكدية بسبب طبيعة أدوارها في أعمال سابقة مثل "ذات" و"سجن النسا" و"تحت السيطرة" وغيرها، وعند الإعلان عن طرح مسلسل "فاتن أمل حربي"، توقع المتابعون أنه سيسير على الايقاع ذاته من خلال شخصية امرأة حزينة مكتئبة، لكنّ نيللي كريم خالفت التوقعات. وعلى رغم تعرّضها للقهر ضمن الأحداث، لكنها ظلّت صلبة وقوية في مواجهة مشاكلها. فلم تتمادَ في عيش دور الضحية رغم ما تواجهه من تنكيل من طرف زوجها انتقاماً منها لرفضها العودة إليه.

ويستعرض العمل هنا تعدد أشكال الإيذاء، تارةً عبر سرقة أثات المنزل وطوراً عبر تقديم بلاغات كيدية فيها بدعوى سرقتها له حتى الوصول لانتزاع منزلها الذي تقيم فيه مع ابنتيها بوصفها حاضنة.

 ومع ذلك، تبقى قوية فتحتضن ابنتيها وتدافع عنهما وتواصل حياتها بصلابة كي لا تشعرهما بأي تغيير فتصطحبهما إلى المدرسة وكل الدروس وتمارين النادي ودرس حفظ القرآن الكريم، وهي غير المحجبة التي حاول طليقها أن يرغمها على ارتداء الحجاب من دون إرادتها لكنها رفضت.

 

أزمات مجتمعية

تمثل حالة "فاتن أمل حربي" الآلاف من النساء في مصر والعالم العربي، لسيدات ينفصلن عن رجال ويواجهن معاناة كبيرة، ولعلّ حوارات المسلسل تعكس كثيراً من أزمات يعيشها المجتمع المصري والعربي على السواء. عندما تُسأل "فاتن" هل تزوجت زوجك عن حب؟ فتجيب: "عن كره... هو كان كاره العزوبية... وأنا كنت كارهة حياتي".

وهذا الرد هو أصدق تعبير عن أسباب كثير من حالات الزواج في العالم العربي في ظل الضغوط الأسرية والمجتمعية على الطرفين وخصوصاً الفتاة خوفاً من لقب "عانس" وفقاً للأفكار البالية التي تعتقد أنّ من لم تتزوج قد فاتها القطار، فيكون الزواج بأي شخص حتى وإن لم يكن ملائماً هو الوسيلة للتخلص من هذه الضغوط والملاحقات.

كما أثار المسلسل منذ حلقاته الأولى عدداً من المعضلات التي تواجهها المرأة المصرية. حين انتزع منها زوجها المنزل، ذهبت البطلة ببناتها ليلاً للبحث عن مبيت في فندق، فيباغتها الرد: "حضرتك مفيش فندق هيسكن واحدة لوحدها". ورغم أنه لا يوجد قانون بهذا النص، إلاّ أنّه من المعروف أنّ فنادق مصرية كثيرة تضع سياسات غير معلنة تأبى الحجز لسيدات دون الأربعين عاماً للإقامة بمفردهن. وتعرضت كثيرات من السيدات والفتيات لمثل هذه المواقف من دون أي سند قانوني وإنما تحت دعوى شعارات ضمنية وجوفاء بالحفاظ على القيم ومحاولة لفرض السطوة المجتمعية على سيدات بالغات.

 

الاهتمام بتفاصيل الشخصيات

يظهر من خلال العمل أن مخرجه الشاب محمد جمال العدل يزداد نضجاً وهو ما يتجلى في اهتمامه بنسج تفاصيل الشخصيات بدقة ورسمها من كل جوانبها، إن من حيث السمات الشكلية والشخصية أو النفسية للأبطال، بجانب اهتمامه بأدق التفاصيل المكانية ومواقع أحداث العمل.

وظهرت نيللي كريم بوجه طبيعي لسيدة تعاني الحياة اليومية بطبيعية مطلقة، بعيداً من مساحيق التجميل. وجاء الأداء معبّراً عبر حركات وجهها وجسدها، في مواقف القوة كما في لحظات العطف والحنان تجاه طفلتيها، فحققت التوازن لشخصية تتأرجح بين الإحباط والأمل والانكسار والتحدي. فلم تظهر كشخصية كئيبة تبكي وتنعي حظها طوال الوقت، بل ظهرت واقعية وطبيعية كحال كثير من الأمهات المطلقات اللاتي يعانين وفي الوقت نفسه لا يستسلمن للسقوط واليأس لأنهن يعلمن أنه تقع على عاتقهن مهمة ثقيلة وهي العبور بأطفالهن إلى برّ الأمان. فاستطاعت نيللي كريم التعمق في أبعاد الشخصية، وتقديم المشاعر لامرأة تواجه الحياة بكل صلابة وشجاعة.

يجسد الفنان شريف سلامة دور زوجها "سيف" الذي يعتبر مفاجأة رمضان هذا العام في دور مغاير تماماً لطبيعة أدواره المعتادة، فهو يظهر كشخص فظٍ ومؤذٍ، وتجلى ذلك في الاهتمام بكل تفاصيل الشخصية من حيث السمات الشكلية والحركية والتعبيرات الجسدية وحتى ملابسه وطريقة مشيته وحديثه وتعبيرات وجهه التي توحي بشخص غير متزن.

 

بين علا وفاتن ... هوة سحيقة

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بعقد المقارنة بين حالة الانفصال بين الزوجين في مسلسل "فاتن أمل حربي" وبين مسلسل "البحث عن علا" الذي عرض منذ فترة على منصة "نيتفليكس"، ففي الأولى تنتمي الأسرة إلى الطبقة المتوسطة حيث يذيق الزوج طليقته كل صنوف العذاب في سبيل كسر إرادتها وإرغامها على العودة إليه غير آبه بمستقبل الأطفال. بينما جاء انفصال عُلا بهدوء وسط مراعاة لحقوق الزوجة والأبناء واستمرت العلاقة بين الطرفين يسودها الود والاحترام. وهو ما يعتبر حالات قليلة ونادرة في مجتماعاتنا، باعتبار أن السائد هو النموذج الأول وهو واقع كثير من السيدات والأبناء في عالمنا العربي، بل أحياناً يكون الواقع أكثر ألماً مما يطرحه مسلسل "فاتن أمل حربي".

لكن تبدو هذه المقارنة بين الطبقتين غير منصفة، فكثير من الرجال الذين ينتمون للطبقة العليا أو فوق المتوسطة قد تصدر منهم أفعال مشينة عند الانفصال، فهذه الأفعال ليست حكراً على طبقة اجتماعية بعينها.

 عودة لقضايا الطبقة المتوسطة

ما يميز العمل وسط طوفان الأعمال الدرامية أنه يعيد الجمهور إلى قضايا وتفاصيل حياة "الطبقة المتوسطة" التي كادت تختفي في الدراما التلفزيونية. فهو مسلسل من الواقع، نجد البطلة وهي تركب الأتوبيس أو الميكروباص، ويرتاد أطفالها المدارس الحكومية، بجانب تفاصيل منزلها الذي يحتاج الى طلاء بما يُشابه الحياة اليومية للمصريين في الطبقات الشعبية والمتوسطة وتحت المتوسطة. فتقدم تفاصيل حقيقية لحياة نشاهدها حولنا بعيداً من مجتمع الكومباوندات الميسورة التي طغت على الدراما المصرية.

 

 

على السوشيال ميديا

ربما تأتي أسباب نجاح المسلسل لكونه يتعرض ويناقش بعمق المشكلات التي تتعرض لها المرأة المطلقة، راصداً كافة التفاصيل والمشكلات التي تواجهها يومياً مع أطفالها، والظلم الذي تتعرض له من الرجل، كما يتضمن رسالة بعدم الاستسلام والخنوع، فتخوض فاتن رحلتها في الحياة متسلحة بحب ابنتيها ورغبتها أن تكمل مسيرتهما وتعبر بهما إلى بر الأمان ويستمر كفاحها وسط ظروف صعبة وبائسة في محاولة منها كي لا تنشأ ابنتاها بشخصيات مشوهة نفسياً.

فحالة فاتن تمثل نسبة ضئيلة لما تتعرض له كثيرات من النساء في الحياة الواقعية، من استخدام الرجال لثغرات القانون ومحاولات التنكيل بالمرأة بإدعاءات واتهامات كاذبة تبدأ بالاتهام بالسرقة وتنتهي بالخوض في سمعتها وشرفها في محاولة للضغط عليها للتنازل عن حقوقها وحقوق أبنائها. وقد يصل الأمر إلى استخدام العنف ضدها بدءاً من الاعتداء الجسدي ووصولاً إلى القتل وهناك حكايات كثير طالعناها في هذا الشأن.

يعول الكثير على العمل في تغيير أو تحسين بنود بعض قوانين الأحوال الشخصية، إسوة بما حدث قبل نحو 47 عاماً، حينما قدمت الفنانة فاتن حمامة فيلم "أريد حلاً"،  الذي ساهم في تعديل قانون الأحوال الشخصية في مصر.

 

واللافت أنّ مسلسل "فاتن أمل حربي" أحدث حراكاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وأشعل الكثير من الهاشتاغات،  وبدأت بعض الصفحات في التدوين عن معاناة المرأة وسرد قصص حقيقية لزوجات تعرضن للعنف الجسدي والنفسي.

ولكن رغم الإشادة الواسعة بالمسلسل والقضية المهمة التي يناقشها، تعرض المسلسل من جانب آخر الى انتقادات، وخصوصاً من قبل بعض الرجال باعتبار أنه يواصل تقديم الصورة النمطية للرجل المصري، معتبرين إياها حالات لا تمثل الأغلبية في المجتمع، وأنه يسعى الى تقديم الرجل بصورة شيطانية  والمرأة بصورة مقهورة على خلاف الحقيقة. مع الإشارة أن هناك سيدات ينكلن أيضاً بالأزواج ويستخدمن الأطفال كورقة ضغط.

وجاءت أغنية المقدمة بصوت الفنانة أنغام كإحدى جماليات المسلسل وهي تقدم مضموناً عن بطلته، فتقول فيها: "أنا مش ضعيفة وليا في الحياة مطرح، ومش قابلة أكون كومبارس على المسرح، وزي ما هتجرح هجرح". وتعتبر الأغنية ختياراً موفقاً من فريق العمل وتعبيراً عميقاً عن حالة البطلة، وهي من تأليف الكاتب مدحت العدل.

مسلسل "فاتن أمل حربي" من تأليف إبراهيم عيسى وبطولة نيللي كريم وشريف سلامة وهالة صدقي وفادية عبدالغني ومحمد الشرنوبي ومحمد ثروت وخالد سرحان وإخراج محمد جمال العدل.

المصدر: القاهرة- النهار العربي

هبة ياسين

المصدر: "النهار"






إقرأ أيضاً

بعد حلقة "رامز موفي ستار"... هدى المفتي تُثير الجدل مُجدداً حول ارتباطها بويجز
"مخطط حرق مصر".. أخطر اعتراف إخواني في جلسة "سرية"

https://www.traditionrolex.com/8