https://www.traditionrolex.com/8


قصّة حي بيروتي: محلة الجميزة وشجرتها العتيقة


On 13 March, 2022
Published By Tony Ghantous
قصّة حي بيروتي: محلة الجميزة وشجرتها العتيقة

الجميزة، هذه الكلمة حين يقولها ابن بيروت فإنه لا يعني بها تلك الشجرة الضخمة، التي تعطي ذلك الثمر الدقيق، كحبة البندق أو شيئاً من هذا الحجم، وفقاً لما ذكر المؤرخ الشيخ طه الولي في كتابه "بيروت في التاريخ والحضارة والعمران".

بالنسبة للولي، تعني الجميّزة بالنسبة إلى المواطن أحد أحياء العاصمة اللبنانية، الذي يشغل منطقة كبيرة تقع في الوسط، والخط الذاهب الى مدينة طرابلس شرق البلد.

 

 

الجمّيزة قديماً (صفحة لبنان زمان)

 

استعاد تاريخ "المحلة، الذي كان في مكانها أرض خالية من البنيان والسكان قبل أن يصل إليها الإنسان والعمران منذ حوالى القرن من الزمان"، مشيراً الى أن "بيروت التي اتصلت حدودها من الجهات الأربع بما حولها من القرى في أيامنا، كانت في أيام أجدادنا قابعة داخل سورها تحميها أبوابها السبعة، التي كانت تفتح مع شروق الشمس، وتغلق مع غروبها، وتحفظ مفاتيحها مع حراس أبوابها الأشداء، الذين لم يكونوا يخرجون هذه المفاتيح من أكياسها إلا بأمر الوالي نائب السلطان في هذه المدينة...".


الجمّيزات
ولفت الى أن "الأراضي المحيطة ببيروت كانت تزداد بعدد كبير من شجر الجميز، ولا سيما بمحاذاة سورها، وقال: "كثيراً ما كان آباؤنا ومواطنونا من أبناء الجيل الماضي يحدثوننا عن الجميزات، التي كانوا يقضون تحت ظلالها أيام لهوهم في صباهم وشبابهم لمناسبة الأعياد الدينية وأوقات العطل المدرسية...".

وذكر أنه "في أوائل الربع الأخير من القرن الماضي، وعلى وجه التحديد عام 1874، تم الاتفاق بين السلطات العثمانية وإحدى الشركات الفرنسية على أن تقوم الشركة بتخطيط بعض الطرق داخل سور بيروت وخارجه، وتوسيع الأسواق التجارية في القطاع القديم من المدينة...".

 


من ألبوم "الجميزة قديماً" المنزل الذي كان يقيم فيه الجنرال الفرنسي غورو في الجميزة مطلع عشرينات القرن الماضي. (صفحة تراث بيروت)

 

وتوقف في سرده التاريخي عندما كان في هذه الأرض شجر جميّز ضخم، مشيراً الى أنه "ذات يوم عزم صاحب الأرض على زيارة مدينة القدس، وهي عادة النصارى في الحج الى هذه المدينة للتبرك بمعالمها الدينية، ولكنه خشي خلال غيبته في القدس أن يعبث بها بعض العابثين، فعهد بحراستها الى أحد أصدقائه المسلمين وأوصاه بأن يحافظ عليها الى حين عودته من الديار المقدسة...".

وذكر أنه "أثناء غيبته، باشرت الشركة الفرنسية في توسيع طريق طرابلس وتعبيدها الى أن وصل تخطيط هذه الطريق الى أرض يميّن"، مشيراً الى أن "الشركة طلبت إزالة الجميزة، التي كانت تعرقل التوزيع والتعبيد...".

بيروت شارع غورو (الجميزة) زمن العشرينات (صفحة قديماً)

 

فماذا كانت ردة فعل الرجل المؤتمن على الأرض؟ ذكر الولي أنه "ما كان من الرجل المسلم إلا أن وقف حائلاً بين الشركة واقتلاع الجميزة، حتى أنه عندما رأى الفعالة يقتربون بمعاولهم من هذه الشجرة لاقتلاعها بادر الى إحاطتها وطوّقها بذراعيه قائلاً: إن هذه الجميّزة أمانة في عنقي الى حين عودة صاحبها، فإذا أردتم بها سوءاً فابدأوا بي، وإلا فانتظروا عودة صاحبها وافعلوا عندئذ ما تشاؤون فيها...".

"الأهم"، وفقاً له، "أن السلطات البلدية في ذلك الحين أخذت في الاعتبار الدوافع الخلفية، التي حدت بذلك الرجل المسلم أن يحافظ على الوديعة، التي أمّنه عليها صديقه النصراني، وأوعزت الشركة الفرنسية أن تتجاوز تلك الشجرة وترجئ اقتلاعها الى أن يعود مالكها من القدس...".

وخلص إلى القول إن "هذا ما حصل بالفعل، فالشركة أبقت الشجرة في مكانها وتجاوزتها الى بقية الطريق، ولما حضر صاحب الأرض وجد جميزته لا تزال بجذعها الفارغ وأغصانها الظليلة الوارفة، ولكن ضرورات العمل لم تترك هذا الرجل يجني ثمرة حفاظ صديقه المسلم على شجرته، التي خضعت لشفار فؤوس الفعلة وأسنّة معاولهم، وزالت على الأثر من الوجود...".

المصدر: النهار العربي

روزيت فاضل

المصدر: "النهار"






إقرأ أيضاً

بسبب استقبال الجمهور... شيرين عبد الوهاب تجهش بالبكاء على مسرح حفلها بالكويت
إطلالة نوال الزغبي في حفلتها في الكويت تخطف الأنظار

https://www.traditionrolex.com/8