https://www.traditionrolex.com/8


في الثامن من آذار... المرأة أكبر من "يومها" العالميّ


On 08 March, 2022
Published By Tony Ghantous
في الثامن من آذار... المرأة أكبر من "يومها" العالميّ

إنّ إعلان الثامن من آذار (مارس) يوم المرأة العالمي، لهو إجحاف كبير وفكرةٌ ضِيزَى. فالمرأة ليست نصف المجتمع، كما يقال. ومَن يتبنّ هذه المقولة ويصدقها فإنّه لا يفقه دورها ولا ما هي عليه وبالتالي يهينها ويقلّل من شأنها، لأنها ببساطة هي المجتمع كله.

 

لست أداهن ولا أحابي، ولكن فلنتأمل معًا، كلّ شيء يرمز إلى الحياة مؤنّث حتى كلمة الحياة نفسها، وكل شيء يرمز إلى الموت مذكّر حتى كلمة الموت نفسها. وهذا ليس إنكارًا لدور الرجل وأهمّيته في المجتمع، فالمرأة أمّه وأخته وزوجته وابنته. هي التي تعطيه الحياة إن كان ابنها، وتكون له الحياة حين يصبح زوجها. وهما ليسا ضدّين كما يظنّ بعض الناس، فدورها يتمّم دوره والعكس صحيح، كما الليل والنهار والصيف والشتاء، فلولا أحدهما لما كان الآخر...

 

المرأة هي الأساس في بناء المجتمعات، فهل يستطيع أحد أن يتخيّل ما ستكون عليه الحياة من دونها؟ إنّها مصدر السعادة والفرح والإلهام، والأهم من هذا هي المدرسة الأولى في الصبر. لقد ورد في الأثر الإسلامي أنّ البارئ عندما خلق حوّاء من ضلع آدم، كان الأخير نائمًا لأنّه لا يستطيع صبرًا على الألم، في حين أنّ المرأة تلدُ وهي في قمّة وعيها. لا أناقش في صحّة هذا القول أو عدمها، فهو يدخل في خانة "علمٌ لا ينفع وجهلٌ لا يضرّ".

 

ولكن أيّ عاقل في الدنيا لا يعلم حقيقة صبر المرأة على الولادة؟ المرأة عماد المجتمع وأساسه، إن هي صلُحت صلُح المجتمع والحياة معًا، وإن هي سقطت فلا مجتمع ولا حياة. فالأمّة سُمّيَت أمّة نسبة للأمّ، التي تنسى نفسها من أجل غيرها، خصوصًا أبناءها الذين لا يشعرون بالأمان إلا في وجودها، من خلال حبّها وصوتها الحاني الذي يعتاده الإنسان جنينًا في رحمها. فدورها سابق دورَ الرجل ومتقدّم عليه، لأنّها تصبح أمًّا قبل أن يغدو هو أبًا بتسعة أشهر.

 

ليس مساواة المرأة بالرجل هو المطلوب لإبراز دورها وأهمّيتها – لأنّنا بذلك نبخسها حقّها ونظلمها، لأنّ بِنيتها ورقَّتها لا تستويان مع بِنية الرجل القاسية والخشنة كما لا يستوي الأعمى والبصير ولا الليل والنهار ولا الموت والحياة – بل العدل والقسطاس هما المطلوبان. فهي من حقها اختيار ما تريد ومن حقها أن تعمل ومن حقها أن تحقّق ذاتها وطموحاتها، من دون مَسٍّ بكرامتها أو استخفاف بها. فالتي تتحمّل آلام الوضع قادرة على أن تذلّل الصعوبات التي تعترضها مهما عظُمت. ومن يظنّ عكس ذلك فإنما ينطبق عليه قول جعفر بن أبي طالب في ردّه على عَمرٍو بن العاص: "أتمتهن المرأة التي حملتك في بطنها خلقًا من بعد خلق وأرضعتك طفلًا وسهرت عليك حتى بلغت أشدّكَ يا عمرو؟".

 

لذا، فإنّ مكانة المرأة لهي في عليِّين، فقد كرّمتها الأديان السماوية كافّة، وأنزلتها منزلة عظيمة. هذا فضلًا عمّا قال فيها الشعراء والعظماء والأدباء من قصائد وأقوال وأمثال، ولم يُقل في الرجل ودوره إلّا النزر اليسير.

 

من هنا، علينا أن نقدّر المرأة ودورها في الحياة ونكون عونًا لها في الشدائد وسندًا لها في أوقات ضعفها، لأنّها تشكّل عاملًا أساسيًّا في النجاح والتطور والتقدّم، فهي لا تختلف عن الرجل في شيء وليست أقل منه في العطاء، بل هي التي تكون في معظم الأحيان سببًا في نجاحه بمساندته ودعمه والتخفيف عنه. إنّ المرأة هي العنوان الحقيقي للتضحية والصبر والحب والمنح من دون مقابل. ولا يمكن أن تكون إلّا صنو الرجل في الاحترام والإجلال والتكريم والتقدير. بعد ذلك كلّه، هل يصح اعتبار الثامن من آذار يومًا لها؟ أليس الأصحّ والأعدل اعتبار كلّ يوم من أيام السنة يومًا لها؟

 

المصدر: بيروت- النهار العربي

وليد حسين الخطيب

المصدر: "النهار"






إقرأ أيضاً

العثور على "حورية البحر" ذات الـ300 عام... بوجه بشري وذيل سمكة
خفاش حقيقي يقتحم دور السنيما أثناء عرض فيلم The Batman

https://www.traditionrolex.com/8