https://www.traditionrolex.com/8


علماء الأوبئة يستعدون لموجة ثانية من “كوفيد – 19” قد تضرب في أيلول (سبتمبر)


On 22 May, 2020
علماء الأوبئة يستعدون لموجة ثانية من “كوفيد – 19” قد تضرب في أيلول (سبتمبر)

تبدو الأمور وكأنّها تعود إلى طبيعتها فيما تُزيل السلطات تدريجياً الإجراءات التقييدية التي فرضتها منذ شهريْن بهدف منع انتشار جائحة "كوفيد - 19".

ففي أونتاريو، كبرى مقاطعات كندا من حيث عدد السكان وحجم الاقتصاد، أعادت بعض متاجر التجزئة فتح أبوابها هذا الأسبوع، بعد أن سبقتها إلى ذلك متاجر مقاطعة مانيتوبا ومقاطعة كيبيك، ثانية كبريات المقاطعات، ما عدا منطقة مونتريال الكبرى.

وتتهيأ للأمر نفسه مونتريال الكبرى حيث تعيد متاجر المواد غير الأساسية فتح أبوابها الأسبوع المقبل، ولكن حيث تبقى المدارس مغلقة حتى نهاية العام الدراسي خلافاً لسائر كيبيك حيث عاد طلاب المرحلة الابتدائية إلى مدارسهم، وإن بشكل اختياري لمن يرغب من الأهالي بإرسال أولاده إليها.

لكنّ علماء الأوبئة يحذّرون من أنه لا يزال من المبكر جداً التخلي عن الحذر الذي طبع حياتنا في الشهريْن الماضييْن، فهم يتوقعون موجة ثانية من وباء "كوفيد - 19"، لا مفرّ منها برأيهم، مع ما يصحبها من طفرة في الإصابات والوفيات، حسب تقرير لـ"سي بي سي" (القسم الإنكليزي في هيئة الإذاعة الكندية).

"قبل الحصول على اللقاح لا أظنّ أنّ بإمكاننا فعلاً تجنّب الموجة الثانية"، يقول نائب عميد كلية الطب في جامعة أوتاوا الدكتور راما ناير، المتخصص في علم الأوبئة وصاحب خبرة 40 عاماً كباحث ومدرّس في هذه الجامعة الكندية المرموقة.

 

الكنديون منقسمون حول إلزامية أخذ لقاح محتمل ضد وباء "كوفيد - 19" أو جعله اختيارياً (حقوق الصورة لراديو كندا)

 

ويرى ناير أنّ العودة السريعة إلى نمط حياة ما قبل الجائحة، عندما كان الناس يضمون أحبتهم ويقبلونهم عندما يلتقون بهم، ويمضون ساعات طويلة دون غسل اليديْن، نظراً لانتفاء الحاجة لذلك، قد تتسبّب بزوال المكاسب التي حققناها كمجتمع في احتواء الجائحة.

"لن يزول"، يقول ناير عن وباء "كوفيد - 19"، "فنحن لم نصل إلى أيّ مكان قريب من مناعة القطيع التي نحتاج إليها لتجنب موجة ثانية (من الوباء)".

وتُعرف مناعة القطيع بأنها اكتساب نسبة كبيرة من المجتمع مناعةً لعدوى معينة، إمّا بسبب الإصابة بها سابقاً أو من خلال التلقيح، ما يُوفر قدراً من الحماية للأفراد الذين ليس لديهم مناعة ضدّ الوباء.

ويشبّه الدكتور دوغ مانويل، وهو من كبار العلماء في مستشفى أوتاوا (The Ottawa Hospital)، غيابَ مناعة القطيع بإضرام النار. فكما تحتاج النار لوقود سريع الاشتعال لتتحوّل إلى سعير، يحتاج الفيروس لمضيف يمكن استهدافه.

 

لقطة من المهرجان الدولي للجاز في مونتريال نسخة عام 2016: متى يعود الزمن الجميل؟ (Victor Diaz Lamich / FIJM / Radio-Canada)

 

فعلى سبيل المثال، حسب الدكتور مانويل، من المرجّح أنّ نحواً من 99% من سكان العاصمة الفدرالية أوتاوا لا يزالون عرضة للإصابة بوباء "كوفيد - 19". هذا يعني أنّ نحواً من 1% فقط من السكان أصيبوا بالمرض، وهذا الوضع ينظر إليه الباحثون على أنه نجاح وضعف خطير في آنٍ معاً.

يُشار هنا إلى أنّ مسؤولي الصحة العامة يعتقدون أنّ حالات الإصابة المؤكدة لا تمثّل سوى جزءٍ محدود من العدد الفعلي للمصابين بفيروس كورونا المستجدّ المسبّب للوباء.

منحنى الإصابات "لم يتسطّح بسبب انتشار (الفيروس) في مجتمعنا، إنما لأننا قمنا بالتباعد (الاجتماعي). جعلناه يتباطأ"، يقول مانويل.

ومع عودة الناس بأعداد متزايدة إلى السير على أرصفة الشوارع وإلى المتنزهات لاستئناف ما يشبه نمط حياة ما قبل الجائحة، سيُصاب حتماً المزيدُ منهم بالفيروس وينشرون الوباء.

ومفتاح الحلّ هنا هو إبقاء هذا الانتشار الجديد للوباء تحت السيطرة، يرى مانويل.

"علينا بالحذر الشديد. إنه فيروس مخادع"، يحذّر مانويل، "أعتقد أنّ ما يميّز ’’كوفيد‘‘ هو قدرته العالية على الانتشار حتى قبل ظهور الأعراض".

 

ممرّضات يحملن تابوتاً أمام إحدى دور الجنازات في وينيبيغ، عاصمة مقاطعة مانيتوبا في غرب وسط كندا، إبّان جائحة الإنفلونزا الإسبانية في 1918 - 1919 (L.B. Foote Collection/Archives of Manitoba)

 

يُذكر أنّ الموجة الثانية من جائحة الإنفلونزا الإسبانية في خريف 1918 هي التي أودت بحياة الناس بعد ساعات من ظهور الأعراض الأولى.

أستاذة التاريخ في جامعة مانيتوبا البروفيسورة إزيلت جونز شديدة الإطّلاع على جائحة الإنفلونزا الإسبانية، وتقول إنّه صحيح أنّ الوباء كان قاتلاً وشرساً للغاية، لكنّ بطء ردّ فعل السلطات الصحية الرسمية آنذاك سرّع انتشارها.

وتقول جونز إنّ الدروس المستخصلَة من جائحة الإنفلونزا الإسبانية هي في معظمها عن الأمور التي لم تنجح.

فغياب المساعدات الحكومية خلال الجائحة قبل قرن من الزمن فرض على المرضى مواصلة الذهاب إلى أعمالهم لكسب قوتهم.

وبالرغم من فرض السلطات آنذاك بعض الإجراءات الوقائية الشبيهة بما نراه منذ شهريْن، كإغلاق المدارس والكنائس والحانات، فأيّ إجراء تباعدٍ جسدي كان يدوم شهراً تقريباً، أي مدة غير كافية للقضاء على الفيروس.

فكانت النتيجة كارثية. ويُعتقد أنّ معدّل الإصابات في الموجة الثانية كان أكبر بأربعة إلى خمسة أضعاف من معدّل الإصابات في الموجة الأولى التي طالت بشكل رئيسي الجنود العائدين من الحرب العالمية الأولى.

وفي النهاية أزهقت الإنفلونزا الإسبانية أرواح نحوٍ من 50.000 كندي فيما كانت كندا تعدّ نحواً من 8 ملايين نسمة.

 

(سي بي سي / راديو كندا الدولي)






إقرأ أيضاً

كوفيد-19: بعد مونتريال، مدينة لافال بؤرة تفشّي الوباء
كوفيد-19: ارتفاع الحاجة لبنوك الغذاء في مقاطعة كيبيك

https://www.traditionrolex.com/8