https://www.traditionrolex.com/8


المطران سويف في "رسالة القيامة": أين هو العيد في ظروف "كورونا"؟


On 18 April, 2020
Published By Karim Haddad
المطران سويف في "رسالة القيامة": أين هو العيد في ظروف "كورونا"؟

سأل راعي أبرشية قبرص المارونية المطران يوسف سويف في " رسالة القيامة " عن معنى العيد في ظروف " كورونا " ؟ وقال يتحدثون عن زمن ما بعد "الكورونا"، عن "نظام عالمي جديد" ، مؤكداً أن "النظام الجديد" قد تحقق يوم الجمعة العظيمة وفي أحد القيامة ".

وجاء في رسالة المطران سويف " أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في المسيح ، نبحث هذه السنة عن العيد وعن معنى العيد . فأين هو؟ أين هو في ظروف الوباء الذي يسود كل أنحاء العالم، فنخضع "للحجر المنزلي" الذي يشلّ الحركة الطبيعية للحياة العامة. هذا "الفيروس" الصغير غير المرئي يربك الكرة الأرضية بأسرها، ويحرمنا من لقاء بعضنا البعض، والاحتفال كجماعة، في الكنيسة، في عيد الفصح لإعلان "المسيح قام". إنه لألم حقيقي ومرارة نقدمها فعل تضحية. والحزن يقوى عندما نرى الآلاف من الناس يموتون، والبعض الآخر لا يزال يعاني، لكن الأمل يتزايد أمام الناس الذين يشفون وأولئك الأبطال الذين يخدمون
ويخاطرون بحياتهم، يدفعهم الحب الكبير في قلوبهم. نحن نبحث عن المسيح القائم، الكلمة الإلهي الذي صلب ومات ودفن، وحين أتوا ليزوروه كان القبر فارغاً إنه ليس هنا" كما شاهدت مريم. يرتكز إيماننا على واقع "القبر الفارغ"، وعلى حقيقة "أنه ليس هنا" وعلى الدافع والرغبة في البحث عنه، ليس مرة واحدة فقط بل طوال أيام حياتنا. من منا يستطيع أن يفهم سر حبه العظيم؟ من منا يجرؤ ويقول: أنا أعرفه تمام المعرفة؟ فما أجمل أن نبحث عنه، وكلما استمر البحث، كلما طابت الحياة. ما أجمل أن نشعر بالعطش اليومي للقاء المسيح، للتعرف عليه بعمق، لاكتشاف إرادته كي نصبح من التلاميذ.

 في الواقع، يحتاج العالم، أمس واليوم وغدًا إلى التجديد والتحول ليصبح أكثر إنسانية وهي ثمرة التلمذة. نحن نبحث عن المسيح القائم في "كلامه الحي"، الإنجيل الذي نعرفه ولكن في الوقت عينه نجهله. فكيف نحمل "اسم المسيح" وليس لنا علاقة حميمة معه؟ نحن نفتخر بأن نسمى "مسيحيين" وحبذا أن يكون فخرنا كافتخار
الشهداء والقديسين. أيها الأحباء، "البقاء في المنزل" هو مناسبة مميزة لتعميق إيماننا، لنصلي معاً كعائلة، لمراجعة الأولويات.في حياتنا، ولاستجواب أنفسنا حول رسالتنا ومعنى وجودنا. سوف تشفى البشرية عندما تكون الأولوية مبنية في فكرنا وتصرفنا على "أن أكون" أكثر منها على "أن أملك"، بعبارة أخرى، أن نجعل الله مركزاً ومرجعاً لحياتنا لأنه مصدر الخلق ومعطي الحياة ومخلص الإنسان. فالموقف "أن نكون" يدفعنا إلى الاعتناء بذواتنا، وأحبائنا، لا سيما الضعفاء منهم والمجروحين والذين يعيشون في وحدة خانقة، بروح التضامن مع كل إنسان. هذه هي الثمرة التي نجنيها من حصاد الوباء والأزمة إذ يتحول الشر والمأساة الى خير ورجاء. نحن نبحث عن الرب، فترانا لماذا نبحث عن الحي بين الأموات؟ فهو القائم والجالس عن يمين الآب،
يرفعنا معه إلى حب أبدي وحياة لا تعرف الموت. نبحث عنه فنجده على "المائدة المقدسة"، في لقاء اليوم الأول المتواتر، وشركة الجسد والدم ومشاركة الجماعة خبز المحبة. إنه الإحتفال الفصحي الذي يتحقق في كل لقاء إفخارستي. بدأنا نلحظ للأسف تراجعاً عنه في أوساطنا لا سيما الشبابية منها والأسباب منها الإجتماعي والديني والثقافي والإيديولوجي. فأتمنى وأصلي أن يشكل "زمن كورونا" هزة روحية تعيدنا الى لقاء الأحد، وترسلنا بعده لنشهد للمسيح الحي في خضم الحياة اليومية حيث تتواصل ذبيحة القربان على مذبح الإنسانية. نحن نبحث عن يسوع، طبيب أجسادنا ونفوسنا وشافيها. نعم أحبائي، فعندما نلتقي به ونحن في الطريق
كالتلميذين الى عماوس، ندرك أن كتابه المقدَّس والمقدِس ليس قصصاً تاريخية وسرداً للأحداث والأشخاص، بل هو بحق ألف وياء وجودنا ونقطة الإرتكاز واللقاء الحميم مع الشخص الحبيب الذي يغمرنا الى صدره ويشفي تاريخنا الشخصي من جراح التاريخ وينقذ البيت من الخراب والدمار والعنف، ويرمّم العلاقة التي شوّهها الإنسان في أيقونة أخيه الإنسان فيعيد لها النقاء والجمال. المسيح هو ضمانتنا ومصدر سلامنا الداخلي. هو الذي ينقلنا من الوقت المحدود الى حالة الزمن، "كيروس" النعمة المجدّدة والمنفتحة على أبدية الحب. "إنه ليس هنا"، فالمسيح لم يعد في القبر، لقد سبقنا ليدلنا على الطريق نحو الإنسان، فننحني ونغسل أرجل بعضنا البعض، ونبلسم جراح المريض في الجسد والنفس، ونطعم الجائع الى خبز الحق ونستقبل المشرد والمهجر بفرح وكأن يسوع ذاته يريد أن يدخل الى بيتنا ليمكث معنا ويتعشى فنكون علامات رجاء في درب الكثيرين ممن فقدوا الرجاء وهم ينتظرون بسمة محبة وكلمةً صادقةً ويداً ممدودةً بتواضع وصمت. ٍ
فأمام ضحايا العنف المنزلي، وملايين الأطفال الذين يموتون من الجوع والعطش والنقص في الطبابة،
وأمام كم هائل من النساء والرجال الذين يعانون الحروب والاضطهاد ويندثرون لاجئين ومهجرين، تعالوا نرى في وجوههم وجه يسوع. كم من الأشياء السيئة تحدث حولنا بسبب كبرياء أولئك الذين يعتبرون أنفسهم آلهة هذا العالم؟ فهم يعبدون المال والسلطة ويعيثون الظلم ويتصرفون كآلهة؛ هذه هي الإسترارية لخطيئة آدم الأول. لسوء الحظ بالنسبة لهذه الفئة من الناس يصبح الإنسان رقماً وسلعة. وكم ينتهك انسجام الطبيعة وتناغمها وجمالها؟ فالأخلاق الاجتماعية تنكر والقيم الإنسانية تداس. ولكن مع المسيح القائم، سوف يتغير عبر الشهود الأنقياء هذا الواقع المؤلم نحو إنسانية تتوب وتتصالح مع نفسها وتقف مستعدةً للدفاع عن كرامة الإنسان. إنها الكنيسة التي تصلي وتلتزم في نشر الفرح والرجاء، فتتجدد الثقة وتترسخ علامات السلام.

 أيها الإخوة والأخوات،يتحدثون عن زمن ما بعد "الكورونا"، عن "نظام عالمي جديد" فالنظام الذي لا يحترم الكرامة الإنسانية والمساواة بين مواطني العائلة الكونية غير قابل للحياة. دعونا نذكّر أنفسنا في هذه القيامة، بأن "النظام الجديد" قد تحقق يوم الجمعة العظيمة وفي أحد القيامة. فالجديد فيه هو قوة الحب المنتصرة ومنطق الغفران وثقافة السلام والمصالحة التي تمت بين الأرض والسماء. فالنظام الجديد هو نظام إنسانية حرّرت وغمرت بالحياة الأبدية، هو التناغم بين الخليقة وخالقها، هو جسر لقاء وفسحة حوار بين الشعوب والثقافات حيث لا مكان للكراهية العرقية والحروب العبثية، ولا فرصة للعبودية والظلم الذي يدمر المجتمع البشري بسبب الأنانية. النظام القيامي الجديد هو الإلتزام بالخير العام وصون حرية الإنسان وكرامته وهي انعكاس لملكوت السماء، تتوق الأرض أن تنعم من خيرات مائدته.

أيها الأحباء، أتمنى وأصلي معكم أن تكون حقبة ما بعد الـ"كورونا" مغايرة لما سبقها، فنعود إلى ينابيع الإنجيل وجمال الإنسانية. أدعو الجميع ولا سيما شبابنا إلى أن يعيشوا الإختبار الإيماني، ويشعروا بوجود المسيح الذي يحبهم ويدعوهم إلى أن يشهدوا لقيامته ويكونوا صانعي سلام ورواداً في هزم المادية واللامبالاة.
أحبائي في المسيح، معاً، نشكر الرب على شهادات ساطعة برزت في محنة هذا العام، وهم أبطال في
مجتمعاتنا، واجهوا المخاطر لينقذوا الإنسان وأعني بهم الأطباء والممرضين والمسعفين والساهرين على الأمن الإجتماعي والغذائي والمتطوعين والمحسنين الى إخوتهم الفقراء ولو بفلس الأرملة. أحيي معكم كهنة أبطال
ومكرسين يخدمون كلمة الله ويسعفون المحتاجين ويقفون الى جانب إخوتهم البشر. فلنحتفل معاً بقيامة الرب معلنين "البشرى السارة" مع العذراء مريم التي ترافقنا في نضالنا، ومع المجدلية
نهتف لن يمكث المسيح بعد بين الأموات، فهو "ليس هنا"، لقد قام.
آمين. المسيح قام ".

المصدر: "وكالة الأنباء المركزية"






إقرأ أيضاً

لأول مرة من دون حضور..النور المقدس يفيض من قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة - القدس
المطران الياس عودة: حرام مصادرة جنى عمر المواطن.. ولتكن المداورة في الوظائف

https://www.traditionrolex.com/8