https://www.traditionrolex.com/8


حقوق الأرثوذكس مهدورة..المطران كفوري: حكومة دياب ليست عابرة للطوائف


On 17 April, 2020
Published By Karim Haddad
حقوق الأرثوذكس مهدورة..المطران كفوري: حكومة دياب ليست عابرة للطوائف

توجه متربوليت مرجعيون وصور وصيدا للروم الارثوذكس المطران الياس كفوري برسالة الى اللبنانيين، بمناسبة عيد الفصح المجيد، جاء فيها: “المسيح قام. يأتي عيد القيامة في خضم أحداث جسام تلف المنطقة، لا بل العالم بأسره. حروب وقلاقل وزلازل ونزاعات مختلفة وأوبئة. وسط كل هذا الظلام ينبعث شعاع نور من القبر المقدس. يأتي إلى العالم المظلم ليمحو ظلامه ويضيئه بنور الرب “المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة الذين في القبور”.

ولكن تبقى المفارقة: “الى خاصته أتى وخاصته لم تقبله”، أي أن الناس الذين جاء ليخلصهم رفضوه. لماذا؟ رفضوه بسبب تعلقهم بالأرضيات، بمصالحهم، بتقاليدهم، بارتباطهم بمواقعهم التي لا يتنازلون عنها لئلا يخسروا امتيازاتهم. صوت الحق دائما صوت ناشز. “لأن الناس أحبوا الظلمة” كما قال بولس الرسول. إنهم يرتاحون الى ذلك. ولكن عندما يأتي النور سوف يمحو الظلام”. صوت الحق يبدو نشازا بين أصوات الباطل. بين الأصوات التي تنادي بالكفر والعنف والمجون. لذلك من أهم ما يقوم به المؤمن في هذا العالم، أن يميز بين الأصوات، أن يحصل على موهبة التمييز (كما يقول آباء الكنيسة). أي أن يعرف أن يميز صوت الله من بين ألوف الأصوات التي تصم الآذان، والتي يسمعها كل ساعة، سواء من الناس مباشرة أو من وسائل الإعلام. “لذلك يسمع الذين في القبور صوته فيخرج الذين عملوا الصالحات إلى قيامة حياة. والذين عملوا السيئات إلى قيامة دينونة” (?وحنا 28:5). الفرق بين صوت الله والأصوات الأخرى هو أن الأول يعطي الحياة، أما الأصوات الأخرى فتقود إلى الهلاك، يقول قانون الفصح: “اليوم يوم القيامة. فلنتلألأ أيها الشعوب. لأن الفصح هو فصح الرب. وذلك لأن المسيح إلهنا قد أجازنا من الموت الى الحياة ومن الأرض إلى السماء. نحن المنشدين نشيد النصر والظفر”.

اليوم يذهب المسيح الى القبر. لماذا؟ ليخلي القبور. لينهض الذين في القبور ويرفعهم إلى السماء. اليوم يصبح القبر مصباحا يشع منه النور. القبر ليس النهاية، كما يقول بولس الرسول، القبر محطة. نقطة انطلاق الى الحياة الثانية. حياة جديدة ليس فيها آلام ومخازي الحياة الدنيا. الحياة الأرضية التي تشد بالإنسان إلى أسفل، تربطه بالمادة. اليوم بموت المسيح تحرر الإنسان من المادة. انعتق من سطوتها. المسيح مات ثم قام. لم يبق في القبر. قام دائسا الموت وواهبا للذين في القبور الحياة الأبدية. اليوم يبذل المسيح نفسه عن أحبائه “ليس حب أعظم من هذا أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه”. (يوحنا 13:15). إنها دعوة لنا للتضحية وبذل الذات من أجل الإنسان.المسيح فعل كل هذا ليخلص الإنسان من الخطيئة والموت. بعد الصليب تأتي القيامة.

نسأل الرب أن يجعل من هذه المناسبة قيامة للبنان، أن يعطي شعب لبنان والعالم السلام والطمأنينة والراحة. نسأله أن يشمل ببركته الإلهية جميع اللبنانيين ليهتدوا إلى طريق الرب. وطريق الرب “الضيق” يؤدي إلى الخلاص، الى السلام، إلى احترام الآخر المخلوق على صورة الله ومثاله. لبنان يقوم على العيش المشترك والوحدة الوطنية. والباقي يأتي “اطلبوا أولا ملكوت الله وبره والباقي يزاد لكم” (متى 33:6).

نسمع اليوم بعض الأصوات التي تنادي بإلغاء الطائفية في لبنان. نحن مع هذا الطرح. كنيستنا الأرثوذكسية ومفكروها أول من نادى بالدولة المدنية. ولكن للوصول الى ذلك يجب أن نضع خريطة طريق. أما أن يقول دولة الرئيس حسان دياب، الذي نجل ونحترم، إن حكومته عابرة للطوائف، فهذا قول مردود لأن كل الوقائع التي رافقت تشكيل الحكومة تدل الى عكس ذلك تماما”. فطالما نحن في نظام طائفي فلتراع الاعتبارات الطائفية كما تقول تقاليدنا التي درجنا عليها منذ الإستقلال. لماذا العبور فوق الطوائف لا يستهدف إلا الأرثوذكس؟ لن أخوض في هذه العجالة في تعداد المراكز التي خسرتها الطائفة الأرثوذكسية منذ عشرين سنة الى اليوم، على الأقل، في المجالات كافة، وهنا لا أتحدث عن المناصفة المرعية الإجراء الآن، بل عن وظائف الفئة الأولى التي يجب أن يراعى في توزيعها التوازن الطائفي. حقوق الأرثوذكس مهدورة بكل صراحة، أطالب الحكومة وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي نكن له كل الاحترام، بإعادة هذه الحقوق. وفي هذا السياق أضم صوتي الى أصوات الإخوة المطارنة بإمامة البطريرك يوحنا العاشر، والسادة وزراء ونواب الطائفة الأرثوذكسية في لبنان، الذين عبروا بصراحة عن انزعاجهم من هذا التصرف. أرجو تصحيح هذا الخطأ الفادح في أسرع وقت ممكن.

أهم ما يميز لبنان العيش المشترك بين مسيحييه ومسلميه. هذه نعمة كبرى يجب أن نحافظ عليها. نرى حولنا كيف يقتتل الناس على أساس طائفي او مذهبي، نحن نشكر الله أننا لسنا بهذا الوارد على الإطلاق. في لبنان المسيحي نصف مسلم. والمسلم نصف مسيحي. هذا تعليق سمعته من أحد المفكرين فأعجبت به.

يبقى أن نراعي ضمن العيش المشترك خصوصية كل طائفة واحترام معتقداتها وتقاليدها. إننا نخاف من التطرف الديني وغير الديني في لبنان. الغلو في الدين يضر، أما الإيمان والاحترام المتبادل فهو الذي ينفعنا ويقوينا. الإلتزام بكتبنا المقدسة هو ضمان عيشنا المشترك. كتبنا المقدسة، في المسيحية والإسلام تدعونا أن “نعتصم بحبل الله ولا نتفرق”. حذار اللعب على أوتار الطائفية. هناك الكثير من الأعداء الذين يحاولون أن يفرقوا بيننا على صعيد طائفي ومذهبي. من يقرأ جيدا الكتب المقدسة وخاصة الإنجيل والقرآن لا يمكن أن يتعصب أو يتطرف أو ينبذ الآخر. في الكتابين العزيزين كل الإحترام للآخر. لا بل كل المودة. “لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى. ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون” (المائدة 82). الإيمان بالله وبأنبيائه ورسله يجمعنا والطائفية تفرقنا. الإيمان عابر للطوائف والحدود. إنه يبدأ بآدم وإبراهيم وموسى، ولا ينتهي بالمسيح يسوع بل يستمر من خلال أبناء يسوع، أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يكونوا أولادا لله، الذين يؤمنون بإسمه؟

إذا نحن الذين آمنا بإسمه تعالى أصبحنا أبناء الله بالتبني، بيسوع المسيح المتجسد. الإيمان بيسوع المسيح نقلنا من عهد الناموس، إلى عهد النعمة والحق. “لأن الناموس بموسى أعطي. وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح حصلا” (يوحنا 17:1). “بالنعمة والحق نقبل كل الناس لأنهم جميعا أبناء الله. ذلك أن الغاية من الناموس هي المسيح” (بولس). فإذا لم يوصلنا الناموس إلى المسيح والإيمان به وبالذي أرسله، فهو باطل. وصايا الناموس بطلت بمجيء المسيح” (بولس ). العهد القديم برمته ما هو إلا مجرد وعد بمجيء المسيح- عندما نقرأ النبوءات التي تشير بوضوح إلى ذلك، ومنها أشعياء وغيرها، هناك في الناموس: “العين بالعين والسن بالسن”. أما في المسيح يسوع فمن قال لأخيه يا أحمق يستوجب نار جهنم” (متى 22:5).

لذلك ما يحصل اليوم من حروب وسفك دماء وتعديات هو ضد الإرادة الإلهية. الله أراد لنا الحياة الكريمة. أراد لنا العيش الحر. كل قطرة دم تسفك دون وجه حق فيها تعد على الإرادة الإلهية. لقد مات المسيح لنحيا. انتصر على الموت ليعطينا الحياة. فلا يحق لأحد منا أن يحرم غيره منها. الله يريد الكرامة للجميع. فلنسمع جيدا صوته ونعمل بما يوصينا لنحصل على الحياة الأبدية. انطلاقا من هنا، نطلق هذا النداء لزعماء العالم: بالله عليكم أوقفوا جميع الحروب فورا واتركوا للناس أن تتمتع بالحياة الكريمة التي منحها الله لهم.

نسأل الناهض من القبر أن يزيل كل الشرور والأوبئة، وخاصة وباء كورونا الذي ابتلي به العالم، وأن ينير بنوره القدوس قلوب الجميع وأذهانهم، لنستحق أن نقول بكل جدارة: المسيح قام، حقا قام”.

المصدر: "وكالة الأنباء المركزية"






إقرأ أيضاً

شعلة النّور المقدّس تصل الى لبنان غدًا
المطران صليبا تمنّى للبنان قيامة من ركام التحدّيات والصعوبات المعيشية

https://www.traditionrolex.com/8