https://www.traditionrolex.com/8


رومي شنايدر في ذكراها: وهج النّجاح وعمق المأساة


On 30 May, 2024
Published By Tony Ghantous
رومي شنايدر في ذكراها: وهج النّجاح وعمق المأساة

مع انقضاء شهر أيار (مايو) 1982، انتهت مأساتها. في شقّتها الباريسية، تهاوت تحت وطأة نوبة قلبيّة لم تصمد أعوامها الأربعة والأربعون أمامها. على الأقلّ هذا ما شخّصه الأطباء وأكّدته الشرطة. للذين عرفوها عن كثب رأي آخر: لم يكن قلبها الذي فشل، بل كانت روحها، مسحوقة تحت وطأة ألم ما أفصحت عنه طوال سنيّ عذابها إلّا في ما ندر.

 

مصباح مُضاء بجانب السرير والساعة تشير إلى العاشرة صباحاً. صوت رجل يتردّد بهستيرية في الغرفة المجاورة: آلان ديلون يتّهم الاشتراكيّين ومصلحة الضرائب بتدمير رومي شنايدر. التفتيش الضريبي الهائل في عهد فرنسوا ميتران أهلك كاهلها، وحياتها على أيّ حال لم تخلُ من الدراما الفائقة الشدّة. هل انتحرت بجرعة زائدة من الباربيتورات والكحول؟ الشائعات تتغذّى على العتمة حين تنتطفئ نجمة، ورومي - كما كان يحلو للفرنسيّين أن يسمّوها من دون لقب - لم تتعافَ من وفاة ابنها المأسويةّ قبل أقلّ من سنة.

 

في سجلّات السينما الأوروبية، قلّة هم النجوم والنجمات الذين اشتعلوا حتّى توهّجوا، ببريق مجدٍ أو بمأساةٍ، مثل رومي شنايدر. وقورةٌ ومعبودةٌ حيناً؛ وحيدةٌ ومرفوضةٌ أحياناً. قويةٌ متمرّدة، هشّةٌ تنهشها التراجيديا، عانت رومي البؤس وألحقت بؤساً بالآخرين؛ أحبّت وتركت، كما الذين أحبّوها وتركوها.

 

الذين ارتادوا صالات السينما في نهاية الخمسينيات، عرفوها رمزاً للبراءة والفضيلة، وصورة قدّسها مجتمع ألمانيا بعد الحرب. اكتسبت رومي شهرة عالمية لمّا أدّت دور البطولة في ثلاثية الـ"كيتش" المزخرفة بإفراط "سيسي"، حول أميرة أصبحت إمبراطورة للنمسا.

أفلتت من كنف الوالدة وبرجوازيّة زوج الأم، ولحقت بديلون إلى مجتمع باريسيّ معارض للتقاليد. قفزة إلى المجهول أعادت تعريف مسيرتها المهنية. لم تغفر لها ألمانيا ذلك أيضاً: كانت الخيانة عظمى.

 

 

النمسوية التي يعتقد الجميع أنها ألمانية، لم تسلم من البؤس، وعلاقتها العاطفية العاصفة والمتقلبة مع آلان ديلون كانت مجرّد البداية لمحنتها الشخصية. انتهى زواجها من هاري ماين الذي أنجبت منه ابنها ديفيد، بكسر قلب وطلاق. وانتهى زواجها التالي من دانيال بياسيني على النحو نفسه، وبقيت رومي تكافح وحيدة مع شياطينها.

 

ضربت مأساة حقيقية حياة رومي عام 1981، عندما توفي ابنها ديفيد. هذا الفقدان أسقطها في هاوية حزن لم تخرج منها أبداً. على رغم أنّها كانت ممثلة مجتهدة وموهوبة استثنائية، كافحت رومي الاكتئاب، وغطّت آلامها الشخصية ببريق موهبتها الساطعة. في الـ43 من عمرها، كانت قد شاركت بالفعل في ستّين فيلماً، عشرة منها فقط كانت ممثّلة "جيدة" فيها، وفق تقييم شخصيّ. بعد مغامرة أميركية، قرّرت أنّ الأفلام الفرنسية هي التي تناسبها وهي الأفضل، بخاصة أفلام برتران تافيرنييه وكلود سوتيه.

 

قصة رومي شنايدر قصة جمال لا مثيل له وحزن عميق. شهادة على ما قد يبلغه الإنجاز الفنّي ارتفاعاً والمعاناة الإنسانية عمقاً. كانت حياتها، مثل أدوارها، إثارة معقّدة ومؤثّرة بعمق، غصّت بلحظات تجذب الجمهور وتطارده حتّى بعد 42 عاماً على وفاتها.

المصدر: "المصدر: النهار العربي شربل بكاسيني"






إقرأ أيضاً

المغنية دوا ليبا تندد بـ"الإبادة الجماعية"في غزة: لا مبرّر لحرق الأطفال أحياء
الملك تشارلز الثالث سيُشارك في مراسم عيده من داخل عربة لا ممتطياً حصاناً

https://www.traditionrolex.com/8