ابتكار أوّل محرّك كهربائيّ فضائيّ معزّز بالطاقة الاندماجيّة

يبدو أنّ شركة أميركيّة حقّقت اختراقاً تكنولوجيّاً كبيراً عبر تطوير محرّك كهربائيّ مخصّص للرحلات الفضائيّة وتعزيزه بالطاقة الاندماجيّة. ويقول خبراء إنّ ما فعلته الشركة لم يقتصر على مجرّد تطوير صناعة وحسب، بل تخطّى ذلك ليشمل ابتكار مفهوم جديد.

في هذا الإطار، ذكر موقع "إنترستينغ إنجنيرينغ" أنّ ما بدأ كخربشة منذ سنوات في أحد المؤتمرات تحوّل اليوم إلى واقع.

فقد عرضت شركة "روكتستار إنك"، وهي شركة طيران مقرّها الولايات المتحدة، تكنولوجيا دفع نوويّ متقدّمة تسمى "فايرستار درايف". ويقال إنّها أوّل جهاز كهربائيّ لدفع المركبات الفضائيّة معزّزٌ بالاندماج النوويّ حول العالم.

أعلنت الشركة مؤّخراً عن عرض أوّليّ ناجح لتقنيّة الدفع الكهربائيّ هذه.

قال الرئيس التنفيذيّ لشركة "روكتستار" كريس كرادوك: "نحن متحمّسون بنتائج اختبارنا الأوليّ لفكرة كان فريقنا يستكشفها منذ بعض الوقت".

عن التقنيّة النوويّة التي يستخدمها الدافع

ومن المتوقّع أن يزداد الطلب على محرّكات الاندماج النوويّ في استكشاف الفضاء ونشر الأقمار الاصطناعيّة في السنوات المقبلة. يرجع ذلك إلى زيادة كفاءة هذه التقنية وأوقات التشغيل الممتدة وغيرها من المزايا.

يسخّر محرّك "فايرستار درايف" قوّة الاندماج النوويّ لتحسين أداء "محرّك البلازما النبضيّ الذي يعمل بالوقود المائيّ" من" روكتستار".

تؤدّي محرّكات الدفع الخاصّة بالمركبة الفضائية وظائف مختلفة، كالدفع والتغييرات المداريّة وحتى الالتحام بالمنصّات المداريّة الأخرى. علاوة على ذلك، يستخدم الجهاز نوعاً فريداً من الاندماج النوويّ غير النيوترونيّ، وهو تفاعل اندماجيّ يولّد عدداً ضئيلاً إلى منعدم من النيوترونات، كمنتج ثانويّ.

وأشار البيان الصحافيّ إلى أنّ "المحرّك الأساسيّ يولّد بروتونات عالية السرعة من خلال تأيّن بخار الماء". ولذلك تصطدم هذه البروتونات بنواة ذرّة البورون، ممّا يطلق التفاعل الاندماجيّ. يبدأ محرك "فايرستار" عمليّة اندماج عن طريق إضافة البورون إلى عادم الدافع، ممّا ينتج جزيئات عالية الطاقة تزيد الدفع.

التحقّق من صحّة الاندماج النوويّ

من أجل الاختبار، أضاف الفريق الماء البورونيّ إلى عمود العادم الخاص بمحرّك البلازما النابض خلال المرحلة الأولى من مشروع "أبحاث ابتكار الأعمال الصغيرة" (سْبير) لصالح منظّمة "أفويركس" (لاس فيغاس).

وذكر البيان أنّ ذلك أدّى إلى توليد جسيمات ألفا وأشعّة غامّا، وهي مؤشّرات واضحة إلى اندماج نوويّ".

تمّ تأكيد هذا الاكتشاف والتحقّق من صحّته خلال مشروع المرحلة الثانية من "سبير" في "مختبر الدفع الكهربائيّ العالي الطاقة" التابع لـ"معهد جورجيا للتكنولوجيا" في أتلانتا. علاوة على ذلك، أنتجت هذه التقنيّة إشعاعات مؤيّنة وزادت من قوة دفع الوحدة الأساسيّة بنسبة 50 في المئة.

قال أستاذ الهندسة النوويّة في جامعة نيو مكسيكو آدم هيشت: "لم تقم روكتستار بتحسين نظام دفع بشكل تدريجيّ وحسب، بل اتّخذت قفزة إلى الأمام من خلال تطبيق مفهوم جديد، مولّدة تفاعلاً اندماجيّاً-انشطاريّاً في العادم".

وأضاف هيشت: "هذا وقت مثير في تطوير التكنولوجيا، وأنا أتطلّع إلى ابتكاراتهم المستقبلية".

اختبارات فضائيّة

يُطلق على محرّك "روكتستار" الحاليّ اسم M1.5. وخططُ اختبار "فايرستار درايف" جارية الآن.

سيتمّ إجراء العرض التكنولوجيّ في الفضاء على متن حامل الأقمار الصناعية "أو تي في أيون" الحاصل على براءة اختراع من "دي أوربت" (شركة رائدة في النقل الفضائيّ ومقرّها إيطاليا).

من المرجّح أن تطلق مهمّة "سْبَيس أكس ترانسبورتر" الاختبار التجريبيّ في تموز (يوليو) وتشرين الأول (أكتوبر) 2024.

قال ماتيو لورينزوني، رئيس المبيعات في "دي أوربت": "يسعدنا جداً أن تتاح لنا الفرصة للعمل جنباً إلى جنب مع ‘روكتستار‘ والمساهمة في عرض أم1.5".

وأضاف لورينزوني في البيان الصحافيّ: "لقد قمنا للتوّ بدمج الدافع في حامل القمر الاصطناعيّ "أيون"، ونتطلّع إلى مشاهدة أدائه في المدار".

علاوة على ذلك، يخطّط الفريق لإجراء اختبارات أرضيّة هذه السنة، ومن المقرّر إجراء المزيد من العروض التوضيحيّة في الفضاء شهر شباط (فبراير) 2025.

والدافع أم1.5 جاهز بالفعل للتسليم للعملاء بحسب التقرير.

المصدر: "المصدر: "النهار العربي""