https://www.traditionrolex.com/8


علماء يولّدون ‘إعصاراً كموميّاً‘ لمحاكاة ثقب أسود


On 24 March, 2024
Published By Tony Ghantous
علماء يولّدون ‘إعصاراً كموميّاً‘ لمحاكاة ثقب أسود

من أجل قياس بعض التأثيرات التي تتركها الثقوب السوداء على محيطها، وبالتحديد على نسيج الزمكان، قام باحثون في جامعة نوتنغهام البريطانيّة باختبار دوّامات كموميّة داخل مختبر لدراسة هذه الظاهرة على صعيد عمليّ لا رياضيّ وحسب. نُشرت نتائج الدراسة في مجلّة "نيتشر" يوم الأربعاء الماضي.

وذكر موقع "سبَيس" أنّه بفعل القوى الثقاليّة الهائلة، تعتبر المناطق المحيطة بالثقوب السوداء بيئات عنيفة ومضطربة تحرّكها الفيزياء وغير موجودة في أي مكان آخر من الكون. والثقوب السوداء عنيفة إلى درجة أنّها تسحب نسيج الفضاء معها.

ابتكر الباحثون في جامعة نوتنغهام، لأوّل مرّة، "دوّامة كموميّة" في هيليوم فائق البرودة والسيولة. حاكى ذلك بشكل أساسي ثقباً أسود على كوكب الأرض.

فالإعصار الكموميّ ولّد موجات صغيرة على سطح المادّة الفائقة السيولة، وهي مادّة قادرة على إظهار تدفّق عديم الاحتكاك (أو لزوجة منخفضة إلى حدّ لا يصدّق) وسلوكيّات غريبة أخرى لوحظت عند درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق. هذه سلوكيّات تحاكي الظروف الموجودة بالقرب من الثقوب السوداء الدوّارة.

عبر بيان، قال قائد الفريق والباحث في جامعة نوتنغهام باتريك سفانكارا: "إنّ استخدام الهيليوم الفائق السيولة سمح لنا بدراسة الموجات السطحيّة الصغيرة بتفصيل ودقّة أعظم من تجاربنا السابقة في الماء". وأضاف: "بالنظر إلى أنّ لزوجة الهيليوم الفائق السيولة صغيرة للغاية، تمكنّا من إجراء تحقيق دقيق في تفاعلها مع الإعصار الفائق السيولة ومقارنة النتائج مع توقّعاتنا النظريّة الخاصة".

النسبيّة العامّة

يذكّر الموقع بنظريّة النسبيّة العامّة لأينشتاين في ما يتعلّق بالثقوب السوداء. تشير النسبيّة العامّة إلى أنّ المكان والزمان هما كيان واحد يسمّى الزمكان، وأنّ الجاذبيّة تنشأ عندما تتسبّب الأجسام ذات الكتلة بانحناء الزمكان.

ليست الثقوب السوداء أجساماً، لكنّها مناطق من الزمكان تمّ إنشاؤها بواسطة كتلة كثيفة ومضغوطة بشكل لا نهائيّ وهي نقطة تفرّد مركزيّة تنهار فيها قوانين الفيزياء. يُطلق على الحدود الخارجيّة لمناطق الزمكان هذه اسم أفق الحدث، وهي تمثّل النقطة التي لا يكون عندها حتى الضوء سريعاً بما يكفي لمطابقة سرعة الهروب من الثقب الأسود.

تمتلك الثقوب السوداء ثلاث خصائص معروفة: الشحنة الكهربائيّة والكتلة والزخم الزاوي، أو "الدوران". يقوم الثقب الأسود الدوّار، أو "ثقب كير الأسود"، بسحب نسيج الزمكان معه في اتّجاه دورانه، وهو تأثير يُعرف باسم "سحب الإطار"، أو تأثير لينس-ثيرينغ على اسم العالمين اللذين اقترحاه لأول مرة.

بالنظر إلى تأثير لينس-ثيرينغ وإجباره المادّة حول ثقب كير أسود على التحركّ بشكل مستمرّ، من المنطقيّ أن تشبه دوامة في سائل، أو ربّما إعصار في غلاف جويّ، مثل هذه المنطقة من الزمكان، بشكل فضفاض جداً.

ميزة التجربة

الأمر الأساسيّ في دوّامة المحاكاة هو أنّها غير موجودة في أيّ سائل قديم. لقد تمّ تصنيعها في سائل فائق مبرّد إلى درجة الصفر المطلق تقريباً. لإجراء تجربته، قام الفريق ببناء نظام مبرّد مخصّص قادر على الاحتفاظ بعدّة لترات من الهيليوم وتبريدها إلى درجات حرارة قريبة جداً (ناقص 271 درجة مئوية) من الصفر المطلق (ناقص 273.15 درجة مئوية). الصفر المطلق هو نظريّاً أبرد درجة حرارة ممكنة. عند الصفر المطلق، ستتوقّف جميع الحركات الذّرّية.

عند درجات الحرارة التي حقّقتها التجربة، يطوّر الهيليوم السائل خصائص كموميّة تعيق عادة تكوين الدوّامات العملاقة. لقد أظهر هذا النظام كيف أنّه لا يمكن حلّ هذه المشكلة فعلاً؛ قام الفريق في النهاية ببناء إعصار كموميّ في السائل الفائق البرودة باستخدام العديد من الأجزاء الأصغر.

وتابع سفانكارا: "يحتوي الهيليوم الفائق السيولة على أجسام صغيرة تسمّى دوّامات كموميّة، والتي تميل إلى الانتشار بعيداً من بعضها البعض". وأضاف: "في إعدادنا، تمكنّا من حصر عشرات الآلاف من هذه الكوانتا في جسم مضغوط يشبه إعصاراً صغيراً، محقّقين تدفقاً دوّاميّاً بقوة قياسيّة في عالم السوائل الكموميّة".

أوجه تشابه مذهلة... إلى المستوى التالي دُر

بحسب "سْبَيس"، وجد سفانكارا وزملاؤه أوجه تشابه رائعة بين الإعصار الكموميّ والطريقة التي تؤثّر بها جاذبيّة الثقوب السّوداء على الزمكان. ويأمل الفريق أن تفتح التجربة طريقة لمحاكاة فيزياء الكمّ على نطاق أوسع داخل الزمكان المنحني بشكل عام وحتى حول الزمكان المنحني للثقب الأسود.

قال سيلكه واينفورتنر، قائد "مختبر الثقب الأسود" حيث تم تطوير وإجراء هذه التجربة: "عندما لاحظنا لأوّل مرة بصمات واضحة لفيزياء الثقب الأسود في تجربتنا التناظريّة الأوليّة سنة 2017، كانت تلك لحظة اختراق لفهم بعض الظواهر الغريبة التي غالباً ما تكون صعبة، إن لم تكن مستحيلة، لدراستها بطريقة أخرى".

وأضاف واينفورتنر في بيان: "الآن، من خلال تجربتنا الأكثر تطوّراً، انتقلنا بهذا البحث إلى المستوى التالي، والذي قد يقودنا إلى التنبّؤ بسلوك الحقول الكموميّة في الزمكان المنحني حول ثقوب سوداء في الفيزيائيّة الفلكية".

المصدر: "المصدر: "النهار العربي" إعداد: جورج عيسى"






إقرأ أيضاً

اختراق منشأة نووية إسرائيلية احتجاجاً على حربها على غزة
ابتكار أوّل محرّك كهربائيّ فضائيّ معزّز بالطاقة الاندماجيّة

https://www.traditionrolex.com/8