https://www.traditionrolex.com/8


السّيارات الذّكية بين الآمال والرّفاهية والتّحديات والمخاطر


On 24 February, 2024
Published By Tony Ghantous
السّيارات الذّكية بين الآمال والرّفاهية والتّحديات والمخاطر

لقد أعاد الإنترنت تعريف كيفية تواصلنا وتفاعلنا مع العناصر اليومية من حولنا، وباتت اليوم معظم الأشياء من حولنا مُتصلة بشبكة الإنترنت، من الهواتف إلى الأجهزة المنزلية إلى السيارات. وعلى مدى العقود القليلة الماضية أصبحت المركبات التي نقودها أكثر تكنولوجية وذكاءً، إذ إن استخدام الكمبيوتر وأجهزة الاستشعار ووحدات التحكم الموجودة على متن السيارة حولها لتشكل مركبة متطورة، وأدى إلى العديد من التطورات شهدناها في مجال النقل، وباتت المركبات الآن تنتج المزيد من الطاقة باستخدام محركات أصغر، كل ذلك مع تقليل الانبعاثات.

وأصبح قطاع النقل يُمثّل مشهداً كبيراً وتنافسياً، سواء بالنسبة لمُصنّعي المعدات أو لأولئك الذين يقومون بتشغيلها، حيث يبحثون باستمرار عن طرق لخفض التكاليف وتبسيط جداول الصيانة وتقديم خدمة أفضل للعملاء لتنمية أعمالهم.

 

 

ما هي السيارة الذكية؟

السيارات الذكية هي مركبات مُجهّزة بما يعتبر أشكالاً من الذكاء الاصطناعي تعتمد على نظام مُبرمج، إنها مركبات ذات تكنولوجيا متقدمة وتتكون من مكونات تتجاوز استخدام الوقود الهجين، وتقنية اتصال بلوتوث بسيطة، والعديد من مكونات المركبات الحديثة، فالسيارات الذكية تُمكّن سائقيها من التحكم في عمليات السيارة من هواتفهم.

تأتي فكرة امتلاك عربة ذكية، أو جعل السيارة ذكية، انطلاقاً من الرغبة في مزيد من التحكم والأمان بالسيارة، سواء من خلال الفرامل المانعة للانغلاق، أو أنظمة الوسائد الهوائية، أو أنظمة الدخول بدون مفتاح، بالإضافة إلى وجود نظام مناخي وترفيهي.

لم تعد المركبات الحديثة مجرد وسائل نقل، بل أصبحت مراكز بيانات متطورة للغاية ومجهزة بأجهزة استشعار وكاميرات وأجهزة إنترنت الأشياء IOT وميزات الاتصال، إذ يمكن لهذه التقنيات التقاط بيانات متنوعة، بما في ذلك سلوك السائق وعاداته، والمواقع والتفضيلات، والمحادثات والمعلومات الشخصية مثل جهات الاتصال والبيانات المالية.

إن الحجم الهائل للبيانات التي تجمعها السيارات مذهل، ومنذ عام 2014 قدّرت شركة "ماكينزي" أن السيارة المتصلة بالإنترنت تولد حوالي 25 غيغابايت من البيانات كل ساعة، ومع تصاعد وانتشار هذه التقنية كتب موقع Visual Capitalist في عام 2023 أنه وفقاً للأرقام الصادرة عن اتحاد حوسبة الحافة التلقائيةAECC ، فبحلول عام 2025 وعلى مستوى العالم "يمكن أن تنتج السيارات المتصلة ما يصل إلى 10 إكسابايت (مليار غيغابايت) من البيانات شهرياً، وهو ما زيادة بمقدار ألف مرة عن أحجام البيانات الحالية".

ومن المتوقع أن تنمو بيانات السيارات بمعدل سريع، وليس هناك شك بتحقيقها فوائد عديدة، بما في ذلك تحسين السلامة والصيانة التنبئية والراحة وأنظمة النقل الأكثر كفاءة، ويمكن أن تلعب البيانات أيضاً دوراً مهماً في مساعدة الشركات المصنعة على اتخاذ قرارات عمل فعالة وتمكين تجربة قيادة أفضل. وفي الوقت عينه حولت هذه التطورات أيضاً السيارات إلى أدوات فعالة لجمع البيانات، وهنا تكمن مشكلات كبيرة حول أمن البيانات وقابلية التشغيل البيني.

 

 

 

التحدّيات والمخاطر

أصبحت السيارات الحديثة أكثر من مجرد وسيلة نقل، فهي عبارة عن "أجهزة كمبيوتر متحركة على الطرق". ومع استمرار تطور التكنولوجيا تتزايد أيضاً المخاطر المرتبطة بها. وفقاً لتقرير الأمن السيبراني العالمي للسيارات لعام 2022 الصادر عن شركة Upstream، كانت هناك زيادة بنسبة 225% في "الحوادث الإلكترونية" للمركبات في عام 2021 مقارنة بعام 2018. ومع الخير يأتي الشر، كما هي الحال مع معظم التكنولوجيا، وله حصة من المخاطر.

توّلد المركبات الحديثة بيانات قيّمة لمختلف أصحاب المصلحة، مثل شركات التأمين والمعلنين والوكالات الحكومية. ومع تدفق هذه البيانات من المركبات إلى أصحاب المصلحة المتعددين، فإن حماية خصوصية السائق والركاب ومنح السائقين التحكم في الوصول إلى بياناتهم واستخدامها أمر بالغ الأهمية.

وهنا يكمن التحدي الرئيسي المرتبط بحماية البيانات من الوصول غير المصرح به وإساءة الاستخدام، وتتشارك المركبات المترابطة مع غيرها من الأجهزة الذكية وخاصة أجهزة إنترنت الأشياء في نقاط الضعف الأمنية، وتتعرض للتهديدات المحتملة، مثل البرامج الضارة ورفض الخدمة وهجمات الوسيط، حيث تعمل الجهات الخبيثة باستمرار على تطوير عمليات استغلال جديدة، مثل التحكم في التوجيه أو المكابح أو التسارع من خلال وحدات التحكم الإلكترونية، وسرقة البيانات الشخصية والمالية وعمليات القرصنة وطلب الفدية تشفير البرامج وغيرها.

هنا ومع الكميات الهائلة من البيانات التي يتم جمعها في صناعة السيارات، تعد الخصوصية هي الأكثر أهمية لسلسلة التوريد بأكملها، بدءاً من موردي السيارات وحتى الشركات المصنعة للمعدات الأصلية وكذلك المستهلك النهائي. ونظراً لكثافة البيانات في الصناعة، هناك مخاوف كبيرة بشأن حمايتها والمخاطر الكبيرة الناتجة من احتمال تسربها. إن التطور المستمر للتكنولوجيا الذكية وكثافة البيانات المعنية، بما في ذلك إنترنت الأشياء وكمية البيانات الديناميكية التي يتم إنشاؤها، يعني أن صناعة السيارات هي واحدة من أكثر الصناعات عرضة للصعوبة في الحماية من حيث الخصوصية، ونظراً للطبيعة العالمية لهذه الصناعة، فإن الإطار التنظيمي والقانوني يختلف حول العالم في ما يتعلق بخصوصية البيانات.

تلك البيانات التي يتم جمعها لا تسهل سلامة المركبات فحسب، بل تُستخدم أيضاً لتحسين تجربة العملاء والأداء العام والكفاءة، وتتضمن معلومات حساسة للغاية مثل موقع السائق ووجهته، ومعلومات طبية وتواريخ، فضلاً عن الأماكن الأكثر زيارة، والطرق التي يتم اتخاذها يومياً، وسجل المكالمات وغيرها. إذا تم اختراق هذه المعلومات، فقد يؤدي ذلك إلى استغلال السائق، أو حتى انتحال هويته بسهولة.

هناك الكثير مما يجب معرفته حول كيفية حماية البيانات، علماً أن العمل جار على تطوير كيفية تأمينها، وتطوير الأطر التنظيمية، ووضع التشريعات والقوانين اللازمة لذلك في جميع أنحاء العالم. وسيظل التركيز على توفير بنية تحتية آمنة لحماية البيانات بمثابة أولوية لموردي السيارات وشركات التكنولوجيا وشركات تصنيع المعدات الأصلية.

ومع الإقبال الواسع النطاق على المركبات الذكية المترابطة، فمن الضروري التعرف على المخاطر الرقمية التي تصاحب هذه الثورة التكنولوجية ومعالجتها. ومن خلال تبني تدابير أمنية معززة، تستطيع صناعة السيارات ضمان استمرار فوائد المركبات الذكية في التفوق على المخاطر المحتملة.

وسيشكل تطور الصناعة والأطر التنظيمية والتشريعات في جميع أنحاء العالم مشهد أمن البيانات في المركبات الذكية. وفي الوقت الحالي، يظل وعي المستهلك والاستثمارات المتعمدة في البنية التحتية الآمنة والالتزام بحماية البيانات أمراً بالغ الأهمية.

المصدر: "المصدر: النهار العربي راغب ملّي"






إقرأ أيضاً

إيقاف "غوغل باي" في الولايات المتحدة في هذا التاريخ
تأجيل إطلاق الجهاز الثوري المنتظر "Ai Pin" إلى نيسان... هل سيغني عن الهاتف؟

https://www.traditionrolex.com/8