https://www.traditionrolex.com/8


جزر جالطة وزمبرة وقوريا... السياحة البيئية الاستكشافية تزدهر في تونس


On 17 October, 2023
Published By Tony Ghantous
جزر جالطة وزمبرة وقوريا... السياحة البيئية الاستكشافية تزدهر في تونس

تشهد الجزر التونسية، والكثير من المناطق النائية، والشواطئ العذراء، إقبالاً لافتاً من الباحثين عن الراحة والهدوء، وروح المغامرة بعيداً من ضجيج المدن والمنتجعات السياحية التقليدية. فقد نشأت في السنوات الأخيرة سياحة بديلة حقيقية في هذا الإطار، لفتت إليها الأنظار وأقبل عليها رواد من كل حدب وصوب.

 

وتُنظّم هذه الرحلات جمعيات بيئية تونسية، مهمّتها تعريف التونسيين بمخزونهم البيئي وثرواتهم الاستثنائية في مناطق عدة مثل جزر جالطة وزمبرة وقوريا وغيرها، وأيضاً في رأس النيغرو ورأس أنجلة والزوارع ووادي الزيتون وجبل السرج وعين السلطان وغيرها. كما يقوم بعض الأشخاص بمبادرات فردية من خلال تنظيم مثل هكذا رحلات سياحية بيئية، مستعينين بمواقع التواصل، للتعريف ببرامجهم وأنشطتهم واستقطاب هواة المغامرة والاستكشاف.

التعريف والحماية

الشاعرة والكاتبة التونسية ماجدة الظاهري، كانت من بين من خاضوا تجربة الرحلات الاستكشافية، واختارت جزيرة جالطة الخلاّبة في رحلة نظّمتها جمعية "تونس إيكولوجيا"، وذلك في إطار مشاريعها التثقيفية للتعريف بالجزر التونسية وحمايتها. وتعتبر الظاهري في حديث لـ "النهار العربي"، أنّها انجذبت إلى متعة اكتشاف الجزر واستكشاف خصائصها منذ زمن بعيد، وهو ما دفعها للانضمام إلى مشروع اكتشاف الجزر التونسية والتعريف بها وحمايتها، والذي تنظّمه جمعية "تونس إيكولوجيا". ولم تكن هذه المرّة الأولى التي تشارك فيها الظاهري في رحلة من هذا النوع، فقد أكّدت أنّها سبق لها الذهاب في رحلات قصيرة إلى جزيرتي "زمبرة وزمبرتا" وإلى جزيرة "قوريا" وجزيرة "شكلي" وأرخبيل جزر "قرقنة" وأخيراً جزيرة "جالطة".

وتتحدث الشاعرة التونسية عن استعداداتها لهذه الرحلة، فتقول: "لقد قمت بالتجهيزات اللازمة لهذه الرحلة التي كنت في حاجة اليها للتخفيف من حدّة القلق والترويح عن النفس، فاتفقنا أن نلتقي في مكان محدّد في العاصمة للانطلاق بالحافلة إلى مدينة طبرقة الواقعة في الشمال الغربي التونسي والتي وصلنا إلى مينائها ليلاً. ونقلنا حقائبنا وأمتعتنا من الحافلة إلى القارب، وذلك بعد فترة راحة طويلة وبعد حضور عناصر الأمن للتثبت من هوياتنا وتفتيش أمتعتنا تفتيشاً دقيقاً".

شروق الدلافين

وتواصل الظاهري وصف رحلتها، "انطلقنا نحو جزيرة جالطة في أقصى الشمال التونسي، وكان جميلاً جداً أن نشاهد شروق الشمس في عرض البحر بانبهار، وأن نلتقط الصور ونسجّل الفيديوهات. كان شروقاً جميلاً لا مثيل له، فلكل صباح شروقه الذي لا يشبه شروق اليوم التالي، ولكل شروق جماله الذي يختلف وفق المكان الذي نراقب منه الشمس، وهي تتجلّى في سمائها التي لا أحد يشاركها فيها.

عندما بدأنا نقترب من الجزيرة استقبلتنا الدلافين بمراقصتها للموج، وبعثت بداخلنا بهجة الأطفال في مشهد رائع. لقد وصلنا إلى أقصى نقطة في القارّة الإفريقية من جهة الشمال، والتي يقابلها في جنوب القارّة السمراء رأس أقولاس (أو رأس الإبر)، القرية الساحلية الواقعة في محافظة الكاب الغربية بجمهورية إفريقيا الجنوبية".

ولدى وصولنا تجوّلنا في شاطئ الجزيرة وانتعشنا بعذوبة البحر واستمتعنا بجماله وصفائه النادر، ثم ذهبنا إلى مكان التخييم، حيث جاء عناصر الأمن ورحّبوا بنا وطلبوا منا هوياتنا على أن يعيدوها لنا قبل مغادرة الجزيرة. قصدنا مكاناً ظليلاً وأعددنا طعاماً بما تيسّر مما أحضرناه من مواد غذائية".

كنوز بيئية

وبحسب الظاهري، فإنّ الجزيرة غنية بالحياة والكائنات الحيّة، فهي كنز بيئي بكل ما للكلمة من معنى تمّ اكتشافه في الرحلة خلال التجوال عبر المسالك والتضاريس الصعبة والمنحدرات القاسية والطرق الوعرة والأدغال الملتفّة والمناخ الرطب. وتؤكّد أنّ حب الاكتشاف يمنح المشارك في هذه الرحلات قوة من أجل السير بين هذه الدروب الجميلة والخلابة، رغم وعورتها، لاكتشاف التنوّع البيئي للجزيرة وما تضمّه من كائنات على غرار "طائر البرني"،  وهو نوع من أنواع الصقور ويُعتبر رمزاً لجزيرة جالطة.

ومن الكنوز أيضاً، بحسب الظاهري، حيوان الماعز البري الذي اعتنت به الجالية الإيطالية بما يكفي لسدّ حاجتها من اللحوم، فسكان الجزيرة السابقون، وبتأكيد من الشاعرة التونسية، هم من أصل إيطالي وفدوا إليها من بونزا وهي جزيرة تقع قبالة مدينة نابولي وسط إيطاليا. وتؤكّد أنّ الإيطاليين الذين أقاموا في جالطة التونسية، ينتمون إلى عائلات فيتيالو ومازيلا وداركو، وقد استقرّت هذه الأسر الإيطالية ومعها أقليّة من الفرنسيين في الجزيرة، ثم رحلوا عنها بعد استقلال تونس.

تونس جديدة

من جهته، يعتبر سامي بن سليمان، وهو طالب في اختصاص الهندسة ومن هواة هذه الرحلات السياحية البيئية الإستكشافية، أنّ هذه الرحلات جعلته يكتشف تونس أخرى لم يكن يعرفها من قبل وما كان ليعرفها لولا هذه الرحلات. هو كان في مرحلة الطفولة يذهب مع العائلة للتصييف في الأماكن السياحية التقليدية، وكان يعتقد أنّه بزيارة أغلب تلك المناطق الشهيرة أصبح يعرف تونس حق المعرفة، لكنه اكتشف عدم صحة ذلك، عندما بدأ يشارك في الرحلات البيئية الإستكشافية.

ويضيف: "من الأماكن التي بقيت عالقة في ذهني منطقة وادي الزيتون الواقعة في ولاية بنزرت، فهي كنز مخفي، وجنة أرضية لا يعلم بوجودها أغلب التونسيين، واكتشفتها شخصياً مصادفة بعد أن وجدت إعلاناً في موقع للتواصل الاجتماعي عن تنظيم رحلة إلى تلك الربوع الجميلة. لم يخطر في بالي يوماً أن أسأل ماذا يوجد خلف محمية إشكل الجميلة والخلابة بدورها إلاّ بعد أن تجاوزناها في الرحلة باتجاه وادي الزيتون، الذي لم أتصور يوما أنّه يقع خلف المحمية الشهيرة المدرجة في لائحة التراث العالمي لليونيسكو".

وتابع: "إنّ وادي الزيتون وعلى غرار المحمية المجاورة له، يستحق أن يُدرج بدوره في لائحة التراث العالمي لليونيسكو بالنظر إلى خصوصياته البيئية، حيث الشلالات المائية الجميلة والكساء النباتي المتنوع والطبقات الأرضية الجيولوجية الفريدة الملهمة للعلماء في عملية سبر أغوار الكوكب الأزرق ومراحل تشكّله. لقد كانت زيارتي لوادي الزيتون سبباً في إقبالي على المناطق العذراء في البلاد التونسية، والتي تكتنز جمالاً خلاّباً وفيها ثراء بيئي، فاكتشفت مناطق أخرى وأدركت أنّ السياحة في الطبيعة العذراء لا تقلّ متعة عن زيارة المنتجعات السياحية الكبرى وفنادقها الراقية، بل لعلّها أفضل بكثير".

المصدر: "المصدر: النهار العربي روعة قاسم"






إقرأ أيضاً

مزيجٌ قديم من أهم الآثار المسيحية والإسلامية في غزّة... تحت الخطر
أماكن رائعة للسياحة البيئيّة

https://www.traditionrolex.com/8